كشف الموقع الإخباري لمجلة وى دوما، أن سكان العالم يستخدمون في كل ثانية 100 طن من الأسمنت، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على الصحة، والبيئة بسبب غازات ثانى أوكسيد الكربون المنبعثة منه، وقد تعتبر فكرة التخلي عن هذا المكون الأساسي في عملية البناء تعد مستحيلة.
لذا فقد قام المهندس «دانيال هوفمان» و«جوليان بلونشار» رئيس مجلس إدارة شركة «أرجيلوس» فى منطقة «فونديه» بفرنسا، بإستخدام الأسمنت الطيني، حيث توصل الاثنان لطريقة تجعل الطين صلبًا مثل الأسمنت، تمهيدا لدخوله حيز الانتاج اعتبارًا من 2017.
وأطلقا على المنتج الجديد إتش بي 2 إيه، حيث يعد هذا المنتج اختصارًا لتجربة التفعيل العالي للتنشيط القلوى التي تم على أساسها تصنيع الأسمنت الطيني، بما يسمح بإنتاج مادة للبناء تتمتع بدرجة من الكربون المخفف جدا، وعلى النقيض، يتطلب الأسمنت التقليدي حرق حجر الكلس فى فرن على 1300 درجة مئوية، حيث تنبعث غازات ثانى أوكسيد الكربون بشكل كبير من طن واحد منه… فى حين لا ينتج الطين المبتكر من التسخين، وبالتالي لا يحدث تلوثًا كبيرًا.
إذ ان الطين الأسمنتي ينتج ثانى أوكسيد الكربون بنسبة تقل 20% أى حوالى 50 كيلوجرامًا لكل طن، كما أن هناك ميزة أخرى تكمن فى إعادة تدويره بعد 40 عامًا من الاستخدام لتصنيع الخرسانة.
وبحسب الموقع قام المبتكران بحماية منتجهما من خلال تسجيل براءة الاختراع بالإشارة فقط إلى أن المنتج تم تصنيعه في الأساس من الطين عبر سلسلة من الجزئيات الأولية بتكلفة منخفضة، إلى ذلك، يسمح الأسمنت الطينى بتصنيع الخرسانة بشكل أكثر بساطة مقارنة بالأسمنت التقليدي الذى لا يمكن خلطه بالرمل الذى يأتي من الأنهار والشواطىء أو المحاجر، حيث يستخدم الأسمنت الطينى لصنع الخرسانة بإضافة الماء أو أى نوع من الرمال أو حتى مواد نباتية مثل القنب، كما تأتي أهمية الطين الأسمنتي في ظل استهلاك صناعة الخرسانة لنحو 75% من الرمال الموجودة بالعالم؛ حيث يحتاج بناء منزل متوسط الارتفاع ما لا يقل عن 200 طن من الرمال، كما تستهلك عملية تعبيد كيلو متر واحد من الطرق أكثر من 30 ألف طن من الرمال، كذلك، فإن تكاليف إنتاج الأسمنت الطيني تنخفض قليلًا عن الأسمنت التقليدي، وهو ما شجع كبرى الشركات على استعماله، مثل «ميشلان» و»إيرباص» حيث قررا دعم وتسويق هذا المنتج الذى سيرى النور مطلع 2017، وقد يكون مطروحًا بالأسواق فى الثلث الثانى من العام نفسه.
فكرة العودة لبناء المنازل بالطين كانت محل دراسة أوروبية منذ أكثر من 13 عاما، وربما يدعم استخدام الأسمنت الطيني هذا التوجه؛ حيث أشار تقرير نشره مختبر البناء التجريبي في مدينة كاسل السويسرية إلى أن بيت الطين استعاد أمجاده السابقة ولم يعد «رمزا للفقر»، كما في السابق.
كما تنبأ خبراء البناء في مختبر «كاسل»، وعلى رأسهم الباحث «جيرنوت مينكه» الملقب بـ«عرّاب الطين»، بمستقبل واعد للطين في قطاع البناء الأوروبي.
وذكر تقرير «مينكه» أن لبيت الطين منافع جمة لإنسان أوروبا اليوم، إذ يحافظ على رطوبة الجو بنسبة 50% في الغرف الداخلية، ويستطيع في نفس الوقت امتصاص الرطوبة بشكل يغني عن نافذة الحمام التي تفتح لتهويته من البخار، كما أن الميزة الثانية هي الاحتفاظ بالحرارة الداخلية للبيت، حيث أثبتت التجارب أن درجة الحرارة في بيت طيني لن تتخطى 25 درجة مهما كانت درجة الحرارة الخارجية، فضلًا عن أن بيت الطين يوفر الكثير من تكاليف التدفئة في الشتاء.