بعد أيام قليلة، سنودع العام 2015، بكل ما له وما عليه من سلبيات وإيجابيات سياسية واجتماعية، واقصادية، جلبت لنا -من وجهة نظري- بعض السعادة والأمل، كما جلبت لنا الكثير من الآلام والأحزان، وإذا كان هذا العام حافلاً بمصاعب ومتاعب اقتصادية عدة، متمثلة في انهيار أسعار النفط من 110 دولارات إلى نحو ما دون الخمسين دولاراً للبرميل، فهو العام الذي شهد أيضاً أهم وأخطر قرارات القطاع العقاري في القرن الواحد والعشرين، بفرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المستغلة داخل النطاق العمراني، وهو العام الذي شهد أيضاً شراكة حقيقية بين وزارة الإسكان والقطاع الخاص، لبناء مشاريع السكن في ربوع المملكة، كما أنه العام الذي شهد حراكاً واضحاً في القطاع العقاري، وكل هذا يمهد الطريق إلى أن يكون العام الجديد (2016) هو عام العقار بكل ما تعنيه الكلمة من معان.
أتذكر في الأعوام السابقة، وفي مثل هذه الأوقات من كل عام ميلادي، كان الكتّاب الاقتصاديون والمحللون يصفون أي عام جديد قادم بأنه “عام العقار في المملكة”، ويعتمدون في وصفهم هذا على إفرازات العام المنتهي، وما شهده من إجراءات وتطورات تشير إلى ازدهار عقاري مقبل، وتمر الأيام والشهور، ولا نجد شيئاً من هذا قد تحقق، ولكن ما أؤمن به بأن ما شهده العام 2015 من حراك عقاري على المستوى الرسمي ومستوى القطاع الخاص، يفوق ما شهدته الأعوام العشرون الماضية، ولعل أكبر دليل على ذلك، أن الكثير من المطالب العقارية القديمة، مثل مطلب تحصيل رسوم على الأراضي البيضاء، بات حقيقة راسخة في هذا العام، وهذا يجعلني أشعر بالتفاؤل الكبير بمستقبل القطاع العقاري السعودي هذه المرة، وقدرته على جذب الاستثمارات من الداخل والخارج، وسيعزز هذا الأمر ويرسخه، توجهات الدولة الأخيرة، بتسهيل إجراءات جذب الاستثمارات الخارجية.
نظرة التفاؤل التي أشعر بها تجاه القطاع العقاري في العام المقبل، لها أكثر من سبب وجيه، ولعل أكبر وأعظم هذه الأسباب، أن الدولة سخرت كل إمكاناتها وقدراتها لحل أزمة السكن، وضخت ميزانية بقيمة 250 مليار ريال لتوفير المساكن لمستحقيها، وهذا وحده كافٍ بتعزيز نظرة التفاؤل المبني على أسس وثوابت وأدلة وليس تكهنات وتوقعات، في المقابل، كانت نظرات التفاؤل بالقطاع العقاري خلال السنوات الأخيرة، نستشعرها من خلال توقعات بعض العقاريين في الصحف المحلية ووسائل الإعلام الأخرى، ونادى هؤلاء العقاريون لترجمة نظرة التفاؤل إلى واقع معاش، بإحداث تغييرات جوهرية في أنظمة السوق وإجراءاته المعمول بها، ولأن نداءاتهم ظلت أمنيات وأحلاماً طوال السنوات الماضية، لم نشهد أي تغييرات إيجابية في القطاع، بل شهدنا ارتفاعاً كبيراً في أسعار المنتجات العقارية، وعزوفاً عن شرائها.
أعيد وأكرر أن العام 2015 مختلف هذه المرة، ونظرة التفاؤل تجاه القطاع مختلفة، والتوقعات أيضاً ستكون مختلفة، وعلينا أن ننتظر مجيء العام 2016، لنتأكد من صحة ما أقول، وإن غداً لناظره لقريب.