سيطر على المشهد العام خلال الفترة الماضية حالة من الترقب لما سيصدر عن هيئة كِبار العلماء حول فرض رسوم على الأراضي السكنية الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات.
لذا عندما جاء القرار بإحالة الموضوع إلى المجلس الاقتصادي الأعلى، لأخذ المرئيات حول جدوى الدراسة في خفض أسعار العقار، ومن ثم إعادته للهيئة لمناقشة الحكم الشرعي حوله في الدورة المقبلة، أي بعد 6 أشهر، كان الأمر محبطا للغاية، خاصة مع سريان شعور طاغ في تلك الفترة بأن السرعة في إقرار الرسوم كان سيخفض أسعار العقار، ويحد من ارتفاع أسعار الأراضي، ويساهم في حل أزمة الإسكان.
اليوم مع تكشف المساحات المليونية من الأراضي التي بدأت وزارة العدل بمصادرتها أو إبطال ملكيتها، يعود ملف الأراضي ليسيطر على المشهد من جديد، فاتحا الباب على مصراعيه للعديد من التساؤلات حيال الأراضي المنهوبة، بدءا بمن يمتلك هذه الجراءة في التعدي على المال العام؟ مرورا بأين الجهات الرقابية عن هؤلاء السُراق؟ وانتهاء بـ لماذا ظهرت هذه الأراضي المغتصبة الآن؟
الأكيد أن وزارة العدل التي شكلت في فبراير الماضي لجانا قضائية في كافة كتابات العدل لمراجعة وتدقيق أكثر من 22 ألف صك صدرت خلال السنوات الخمس الماضية، قد لجأت لهذا الإجراء بعد أن وقفت لجانها على صكوك مزورة لأراض تم الاستيلاء عليها منذ فترة من الوقت.
ولكن إذا كانت الحصيلة الأولية للسنوات الخمسة الماضية أراض بملايين الأمتار، وهي الفترة التي رفع فيها خادم الحرمين الشريفين لواء المحاسبة والقضاء على الفساد، فكيف سيكون الحال لو امتد تدقيق اللجان إلى ما قبل ذلك؟
المفارقة أن حجم 3 قضايا فقط من أراضي المليونيات المنهوبة بمنطقة مكة المكرمة والتي تداولها الإعلام خلال أسبوع واحد «إلغاء صك أرض مساحتها 22 مليون م² في جدة وإحالة أعضاء لجنة التثمين للتحقيق» (صحيفة المدينة) 12 أكتوبر 2014. «المحكمة العليا تبطل حجة استحكام على أرض في جدة مساحتها 75 مليون م²» (صحيفة عكاظ) 18 أكتوبر2014. «وزارة العدل: إلغاء تملك 110 ملايين م² في الرياض ومكة وجدة بقيمة 80 مليار ريال» (صحيفة الرياض) 20 أكتوبر 2014، تبلغ 207 ملايين متر مربع، وهي كفيلة بتملك نحو 500 ألف أسرة لأراض سكنية مساحة القطعة فيها 400 متر مربع.
ليبقى السؤال، إذا كانت القاعدة الأمنية تقول إن ما يكشف عنه عادة يمثل %20 من حجم الجرم، فهل بعد هذه الملايين المنهوبة بقيت لنا ولأبنائنا أراض للسكن؟ وهل ستكمل وزارة العدل ما بدأته من عمل وتعاقب من ثبت تورطه في هذه الجريمة، أم أنه سينجو منها كما نجا كبار المتورطين في سيول جدة من دماء الضحايا؟