مهزلة مارثون .. ارتفاع الإيجارات

منذ الوهلة الأولى، تستشعر أن هناك مارثونا ما بين القوانين والتشريعات المنظمة لمعيشة الشعب السعودي الكريم وتنظم تعاملاته لكي يتمكن بعضنا البعض العيش في حياة كريمة.. وما بين أباطرة الاحتكار الذين قلما ما تجد بينهم من يشعر بالوطن والمواطن وما لهم سوى مصلحتهم الشخصية فقط، هذا في ظل تواطؤ الكثيرين ــ للأسف ــ أيضا من أبناء هذا الوطن الذين همهم الوحيد مكسبهم، ضاربين بمبدأ «المواطنة» عرض الحائط.

فمنذ أن نوهت الدولة المباركة عن تشريع جديد ينظم الإيجارات والتعاملات ما بين المالك والمستأجر، وجدنا المارثون قد بدأ وبقوة، خصوصا في مكاتب الصيانة والتشغيل أو ما أسماهم البعض «الدلالين»، إذ راحوا يدللون على رفع الإيجارات هنا وهناك دون مراعاة لأحد.. مبدأ لا يحمل في فحواه سوى الاستغلال، هذا على النقيض مما نص عليه إقرار نظام إيجار من قبل مجلس الوزراء، حيث الهدف الأساسي منه يكمن في الحد من التلاعب في أسعار السوق وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.

وبحسب الخبراء العقاريين والاقتصاديين، يعد نظام «إيجار» من أكثر القرارات الاقتصادية تأثيرا؛ لأنه يتعلق بتنظيم حياة حوالى نصف سكان المملكة الذين يعتمدون على التأجير.. إذ إن إيجار يقدم العديد من الخدمات للمواطن، فيمكنه من البحث على العقار المناسب على نطاق أوسع من خلال الشبكة الإلكترونية، كما يمكن المالك أيضا من عرض وحداته السكنية للإيجار.. كما يقدم العقد الإلكتروني الذي يتيح التعاقد من خلال الوسيط العقاري عن طريق الشبكة، وكذلك الدفع الإلكتروني.

هنا، يا سادة، يتضح السبب في نار الإيجارات التي اشتعلت منذ أشهر عدة، فنظام «إيجار» سيحد من التلاعب، حيث من الصعب أن يرفع المالك سعر الإيجار، بينما يوجد آلاف من العقارات الأخرى على الموقع ذاته بالسعر القديم.. هذا رغم أن هناك نشاطا كبيرا في تجهيز العقارات الجديدة، فمعظم المناطق تشهد طفرة إنشائية كبيرة، ورغم ذلك الأسعار في ارتفاع، فضلا عن أن أصحاب العقارات القديمة اتجهوا إلى رفع إيجاراتهم بشكل غير مبرر رغم تهالك عقاراتهم.. وفي الجانب الآخر ضغط الكثيرون من الملاك على المستأجرين بالخروج من عقاراتهم، وقاموا بإعادة تهيئتها، ولكن بشكل مغاير، فقسموا الشقة الواحدة إلى شقتين، ومنها إلى ثلاث، ليضاعفوا بعدها قيمة إيجاراتهم.

السؤال هنا: أين المسؤولون والمراقبون من تلك الممارسات، فنظام إيجار هو خدمة مجانية مقدمة من قبل وزارة الإسكان، وتتيح لأي فرد في المملكة، إذ يبلغ عدد المستأجرين المسجلين بلغ 2995 مستأجرا حتى الآن تقريبا، إلا أنهم سيواجهون أسعارا غير مقبولة، فمن يقنن ذلك ويردع كلا من المكاتب العقارية والملاك الذين يعيثون في الأرض فسادا.

المصدر