جاء في جریدة المدینة یوم الأحد الموافق الأول من شھر رجب 1439ھـ في الصفحة السابعة خبر بإغلاق 500 مكتب ھندسي من أصل 2900 مكتب خلال عامین، وقد عزا الخبر أھم الأسباب التي أدت لھذا الإغلاق إلى أن عمل بعضھا مخالف للأنظمة مع انتشار تجار الشنطة من الدول المجاورة.
الوقوف عند ھاتین النقطتین یتطلب منَّا مراجعة ما ھو موجود من ھذه المكاتب، وكیفیة انتشارھا بھذا الشكل غیر المعقول في كل أنحاء المحافظة، خاصةً مع الطفرة العقاریة التي مر بھا مجتمعنا، وأصبح فتح مكتب ھندسي من السھولة بمكان، مثل فتح المستوصفات الصحیة والعیادات الطبیة لأطباء مزعومین، لیس لدیھم من الطب إلا اسمه.
عدم الالتزام بالضوابط الحكومیة والإجراءات المنظمة لھا ھو دیدن ھذه المكاتب، حیث أصبح فتحھا مع التوسع في التوظیف فیھا لكل من ھب ودب، وكثُر معھا تجار الشنطة من المھندسین المزورین وحملة شھادات الھندسة المضروبة التي امتلأت بھا ھذه المكاتب..، كما أصبح وضع لافتة مكتوب علیھا مكتب استشاري ھندسي لممارسة جمیع أعمال الخدمات والمقاولات أمراً سھلاً جداً، وھو أبعد ما یكون عنه.
معظم المھندسین العاملین في ھذه المكاتب من الوافدین أصحاب المعرفة المتدنیة، وخریجي المعاھد المھنیة المتھالكة من: سباك، ونجار، وحداد، ونقاش، ومن ثم یصبح مھندساً بقدرة قادر، ویمارس العمل في ظل ھذه المكاتب المخادعة التي أساءت لحركة البناء كثیراً في مجتمعنا، وأصبح الغش والتدلیس ھو دیدنھا.
وتجاوزت كل حدود الأنظمة والقوانین المنظمة لھا بسبب غیاب المتابعة وقلة المراقبة من قبل الجھات المعنیة بكود البناء.
لقد استجرأ تجار الشنطة كما ورد في التقریر الصحفي من النصابین والمحتالین في سبر أغوار تخصصات حساسة جداً، مثل الأعمال الھندسیة التي تمتد ممارساتھا الخاطئة إلى استنزاف أموال الناس مع سوء في التنفیذ، وقد زادت ھذه التصرفات الرعناء نتیجة عدم المتابعة من قِبَل الجھات المعنیة لھذا الأمر، وعدم تطبیق الجزاءات الرادعة لكل من يوظف مھندساً مزیفاً بدون شھادات معتمدة تُؤھِّله لذلك العمل، كما أن ھناك جانباً آخر وھو الفساد الذي عم العدید من قضایانا، والرشوة المقیتة التي فاقمت ھذا التدھور فأصبح (كل مین إیده إلُو)، كما یقال المطلوب الآن ھو: حصر لجمیع المكاتب الھندسیة، ومراجعة ملفات العاملین فیھا، ودعم المحترم منھا وإغلاق المتجاوز للنظام، والتعامل بكل حزم ٍ للقضاء على تجار الشنطة، وإنزال أقصى العقوبات بھم من سجن، وتغریم، وترحیل عن البلاد نھائیاً، مع إحاطة أصحاب المكاتب رسمیا بذلك.
ٍ نحن في بلادنا نحترم كل وافد یعمل بصدق وإخلاص فیما تخصص فیه، والمشاركة بصفة فاعلة في نھضة بلادنا المباركة، والكسب الحلال المشروع، وفي المقابل یجب الوقوف بكل حزم وصرامة في وجه كل مدلس، ومخادع، ونصاب یمارس أعمالاً عبثیة تعیق حركة التنمیة في مجتمعنا، وتصیب المستفیدین بالغبن والإحباط، فیما لحق بھم من أخطاء في حق أموالھم وممتلكاتھم، وقد قالوا قدیماً من أمن العقاب أساء الأدب.