أكد خبراء وعقاريون أن قرار الملك بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن في المملكة؛ سيجبر ملاك تلك الأراضي على تغيير واقعها تفادياً لتحمل مبالغ مالية نتيجة جمودها، وهذا يعني أنه سيتم بدء تخطيطها وتسويقها على الراغبين في الشراء، والمقصود بالرسوم ليس الإضرار بالملاك، بل إجبار من يحتكر الأراضي على أمرين: إما أن يتخلى عن احتكاره (وهو مطلب شرعي واقتصادي وإنساني وأخلاقي)، بأن يطور الأرض بنفسه أو يبيعها لمن يستفيد منها.. وإما أن يدفع الغرامات التي تمكن من تطوير أراض جديدة، وتمكن الدولة من منح الناس قروضا ومساكن أو إيصال الخدمات إلى تلك الأماكن التي لم تصل إليها بعد.
وأوضح الخبراء أنه وفقا لهذه الخيارات جميعاً، فإنه من المتوقع أن يتحسن جانب العرض في سوق العقار، وتنتهي الاحتكارات أو على الأقل ينتهي تأثيرها، بحيث تنخفض قيمة الأراضي والعقارات في السعودية بشكل متوازن وتدريجي، وهو المأمول.
مشيرين إلى أن هناك فعلا أراض في مناطق أصبحت مع تنامي العمران حيوية. وقد فضل أصحابها عدم التخلي عنها وعدم تنميتها في الوقت نفسه، وهو الأمر الذي تحول إلى ظاهرة واسعة، فتقلصت الأراضي المتاحة للتطوير إلا في خارج مناطق العمران المأهولة، وهذا بدوره أوجد مشكلة الإسكان الراهنة، وانخفض المعروض من العقار لترتفع أسعاره بشكل جنوني؛ ما عزز من ثقافة الاحتكار وضاعف الأسعار، وبدت المشكلة بلا حل، وهو ما قد يقود إلى مشكلة كساد قد تعم الاقتصاد السعودي كله، لذلك كان لا بد من وقفة جادة وصادقة لحلحلة هذا الأمر ولو بالغرامات، التي اتفق عليها الناصحون لخير هذا البلد بحسب صحيفة الأقتصادية .
وأكدوا إن ما قامت به لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في محافظة جدة خير مثال على منع الاستيلاء غير المشروع على أراضي الحكومة، ومنع استنزاف الاقتصاد الوطني؛ لأن التعديات تحد من وجود الأراضي البيضاء التي يمكن تخطيطها وتوزيعها على من تنطبق عليهم شروط المنح والتوزيع من المواطنين أيضا.
ولافت الخبراء إلى إن ظاهرة التعدي على الأراضي البيضاء تؤدي إلى انتشار الأحياء العشوائية، حيث لا توجد مظلة نظامية تحمي من يتعدون على أراضي الدولة، ولقد سبق لصندوق النقد الدولي أن دعا إلى ضرورة وجود تدابير تكفل تحريك العرض الساكن للأراضي البيضاء، وذلك من أجل المساهمة في حل مشكلة الإسكان، وهذه الملاحظة في الواقع عملية؛ لأنها ستؤدي إلى رفع مستوى المعروض من الأراضي لأجل تخفيف تكلفة الإسكان على الدولة وعلى المواطنين.
إن التملك بوضع اليد هو نوع من فرض الأمر الواقع، على الرغم من وضوح موقف النظام من ذلك، خصوصا بعد أن صدرت التعليمات فيما يتعلق بحجج الاستحكام وإيقافها، حتى تتم إعادة ترتيب الوضع بكامله، وهي في الواقع معالجة مؤقتة؛ لأنها تمنع التعديات وتجردها من قيمتها الشرعية والنظامية، حيث كان التحايل إحدى الوسائل لاستخراج بعض حجج الاستحكام، بل إن الممارسة تطورت، وأصبح هناك مختصون في القفز فوق التعليمات؛ ما أدى إلى إيقافها بصورة نهائية حتى يعاد التنظيم بما يخدم المصلحة، ويحقق التوازن بين حق الدولة في حفظ الأراضي وتوزيعها، وحق المواطن في التملك، خصوصا من لا يستطيعون الحصول على أرض لبناء سكن خاص.
وأشاد الخبراء أن عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز،واختيارة لوزراء شدد عليهم بتحقيق رؤيته وتطلعاته، أظهر جلياً أن خادم الحرمين يضع المواطن وراحته ورفاهيته في صدارة اهتماماته اليومية، وها هو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يحقق جزءا من تطلعات الملك بتوصيته فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، ومما لا يختلف عليه أن النتائج الكبيرة لهذا القرار، سيكون المواطن هو المستفيد الأول منها، وحينما يقول الملك سلمان ويكرر اهتمامه بالمواطنين وعنايته الشخصية بهم، فإنه يثبت بالأفعال يوما بعد يوم أن المواطن هو كل شيء وهو محور البناء والتنمية.