تعیدني وقائع تحقیقات حملة مكافحة الفساد التي قاد دفتھا باقتدار سمو ولي العھد الأمیر محمد بن سلمان، والتي اتخذت من فندق «الریتز كارلتون» مكانًا لھا، إلى مقال قدیم كتبتھ في 12 أكتوبر 2012 بعنوان: (أضغاث أحلام!!)، تناولت فیه معالجة الرئیس الروسي فلادیمیر بوتین الأزمات التي یمكن أن تتعرض لھا بلاده بسرعة وكفاءة وحزم یعكس طریقة عمل دینامیكیة لا تحتمل التسویف ولا التأخیر، وتتجنب اللجلجة
والتردد وعدم القرار الذي یمكن أن یفاقم من حدة الأزمات ومن تداعیاتھا.
قرر بوتین (رئیس الوزراء آنذاك) أن یتدخل شخصیً ً ا في المناطق الأكثر تضررا جراء الانھیار الاقتصادي، ومواجھة ملاك مصنع أسمنت ضخم بعد أن قرروا إغلاق المصنع وتشرید المئات من العمال.. وفي الاجتماع الذي حضره كبار رجال الأعمال والصناعیین الروس ذوي السطوة والنفوذ الكبیرین، خاطبھم بوتین قائلاً: لقد جعلتم آلاف الأشخاص رھینة لطموحاتكم وطمعكم التافه، وھذا غیر مقبول تماما.. إذا لم تتوصلوا أنتم
المالكون إلى اتفاق فإن ھذا المصنع سیعمل من جدید بطریقة أو بأخرى، بكم أو من دونكم؟!
وقد رأیت فیما یرى النائم، أن مثل ھذا الاجتماع الحاسم قد تكرر في أحد البلدان العربیة، التي لا تسلم جمیعھا من موجة حادة من الفساد المالي والإداري، وأن الحاكم في أحد تلك البلدان قد عقد اجتماعا مع كبار رجال الأعمال والمال في البلاد، ودعى إلى حضوره أیضا المتنفذین الذین تمكنوا بسطوتھم ونفوذھم وعلاقاتھم من الاستیلاء على ملایین الكیلومترات من الأراضي البیضاء بقصد إحیائھا، فأماتوا الملایین من الناس الذین كانوا یتمنون تملك بضع مئات من الأمتار لبناء بیت لھم ولأبنائھم، كما حضره أولئك الذین استطاعوا عن طریق وظائفھم الاستیلاء على الملایین، بل والملیارات دون وجه حق.. ثم طلب من التجار التوقیع على تعھد بالالتزام بالتخلي عن الطمع والجشع واستغلال الناس من أجل الكسب السریع.. ومن أصحاب الأراضي أن یتخلوا عنھا، طوعًا.. أو جبرًا، لیعید توزیعھا على الناس بالعدل والقسط، ثم أجبر الذین اغتنوا من المال العام أن یعیدوا ما أدخلوه في ذممھم من أموال استولوا علیھا بالحرام ودون جھد.
ختمت المقال الذي كتبته عام 2012 بقول: «لم یكتمل بقیة خیالي إذ استیقظت على أنین اكتشفت أنھ یصدر من بعض الجوعى في برنامج تلفزیوني على إحدى القنوات الفضائیة یتحدث عن الجوع في جنوب السودان، قبل أن أغیر مؤشر القناة لأشاھد قناة فضائیة عربیة أخرى تعرض فاصلا من الرقص الشرقي الأصیل»؟!
وأحمد الله تعالى أن حلمي قد تحقق على أرض الواقع في بلادي على ید قائدھا الشاب محمد بن سلمان.