رمى أمین جدة صالح التركي حجراً كبیراً في میاه المسكوت عنھ بخصوص المشاریع المتعثرة والمعاقة، وأوضاع النظافة وأحوال المقاولین وتلاعبھم وتجاوزاتھم، فقد كان حدیثه في مناسبة الغرفة التجاریة بمدینة جدة محوراً لتعلیقات مواقع التواصل وتغطیة الصحف، وكثیرون ابتسروا القضیة بكبرھا في توجیه العتب وربما اللوم للأمین، كیف أنه یرى ویعرف ھذه الأوضاع دون التدخل الحاسم لتصحیحھا، لكني أعتقد بوجوب تقدیم الشكر لھ على شجاعتھ وشفافیتھ في الحدیث عن الواقع دون تجمیل أو ھروب من الحقیقة، فقد اعتدنا من كثیر من المسؤولین الدفاع عن إداراتھم ومشاریعھم ووزاراتھم، وإنكار الواقع حتى لو كان واضحاً للأعمى.
كان حدیث الأمین تعریة للواقع المؤلم الذي یحجم المسؤولون الحدیث عنھ، لقد أفادنا بحجم الكارثة عندما ذكر أن 90 %من مشاریع وزارة الشؤون البلدیة والقرویة متعثرة، وفي جدة وحدھا تصل النسبة إلى 40 ،%وتعجب كیف یمكن للمملكة أن تتطور ومشاریعھا بھذه الحال. وقد كشف بجرأة تلاعب كارتیل المقاولین بالمشاریع عندما أشار إلى أنھم لا یأبھون بالغرامات لأن ھمھم ھو الحصول على المشاریع ودفع الغرامات دون تنفیذھا، أو بیعھا من الباطن لتنتھي في نفق مسدود، وقد بلغت الكومیدیاء السوداء ذروتھا عندما قال إن مقاولاً حفر أمام بیته حفرة وردمھا بتراب مرشوش بزیت ولیس بأسفلت، وأیضا عندما قال إن شركات النظافة ھي السبب في «وساخة» جدة، وطبعاً جدة تعني أیضا أي مدینة أخرى فالحال من بعضه.
نحن نحتاج بالإضافة إلى شجاعة وكفاءة المسؤول إلى تغییر جذري في كل ما یختص بأنظمة تنفیذ المشاریع وتصنیف وتأھیل المقاولین ومحاسبتھم على كل صغیرة وكبیرة وكف الأیادي التي تساعدھم على التجاوزات ووضع قائمة سوداء بكل المقاولین الذین یعبثون بالمشاریع، قائمة لا تستثني ولا تجامل، وفي كل الوزارات ولیس وزارة الشؤون البلدیة فقط، كما لا بد من محاسبة اللجان التي تستلم مشاریع مخالفة للمواصفات لأنھا جزء مھم في الخراب الذي تعیشھ مشاریعنا.
إنھا فضیحة كبیرة عندما تكون 90 %من مشاریعنا متعثرة، فمن یعلق الجرس لإنھاء ھذا الوضع السیئ الذي ینھب المال العام وینتھي بنا إلى لا شيء.