أصبحت مدة الحصول على رخصة المخطط السكني 60 يومًا بدلاً من سنتين وأكثر، حسبما جاء بتصريح لمعالي وزير الشؤون البلدية والقروية المكلف قبل أيام عدة؛ إذ ذكر أن الوزارة وقّعت اتفاقية مع شركائها من الجهات المعنية لوضع إطار حوكمة حصر مدة الحصول على رخصة المخطط بهذه المدة القصيرة جدًّا؛ وبذلك وضع حلاً لأحد أعقد الأسباب التي تعرقل زيادة العرض للمخططات السكنية في السوق العقارية.
فهذا الإجراء يعد المكمل الرئيس لنظام رسوم الأراضي؛ إذ لا يمكن أن يكون لرسوم الأراضي تأثير بزيادة المنتج النهائي بالسوق ما لم تتقلص مدة الحصول على رخصة المخطط السكني؛ فما الفائدة من زيادة عرض القطع الكبيرة عشرة آلاف متر وأكثر بالسوق للتخلص من أعباء الرسوم إذا لم تكن آليات التطوير لهذه القطع ميسرة، وخصوصًا من الناحية الزمنية؟
إذ إن عدم قدرة بعض الملاك على دفع رسوم الأراضي، واضطرارهم لبيع أراضيهم، يعنيان أن المشتري سيكون أيضًا تاجرًا وليس مستهلكًا نهائيًّا؛ وهو ما يزيد من احتكار القلة بنهاية المطاف.. لكن إذا تم دعم التطوير العقاري للمخططات السكنية الخاصة، أي للأراضي غير الحكومية، وخصوصًا بالإجراءات، فهذا يعني أن مدة التطوير ستنخفض من حيث الإجراءات الإدارية والاشتراطات؛ وبذلك لن يبقى العرض للقطع السكنية النهائية المخططة والمخدومة وبمساحات صغيرة ومتنوعة شحيحًا كما كان في السنوات الماضية. فهذا التأخير في منح الرخص كان سببًا جوهريًّا في تقلص حجم المعروض مقارنة بزيادة الطلب.
فمن المنطقي أن أسعار الأراضي السكنية ستتجه للانخفاض مستقبلاً مع زيادة العرض بعد هذا القرار المهم، وهو سيكون متممًا لبقية برامج دعم التطوير والتمويل بالسوق العقارية. ومن المهم أيضًا إعادة النظر في النطاق العمراني للمدن؛ فهو قد حدَّ أيضًا من توسُّعها، وضم مخططات جديدة.. فلو تم توسيع النطاق سيكون ذلك عاملاً مساعدًا في زيادة العرض، وإعادة التوازن للسوق العقارية من حيث نمو العرض، بما يتناسب مع الطلب الحالي والمستقبلي؛ وهو ما سينعكس على الأسعار بوصولها لقيم عادلة، ويمنع المضاربات الضارة على أسعار الأراضي، ويعزز من قوة تأثير السوق العقارية بدعم التنمية في الاقتصاد الوطني، وتوليد فرص العمل وجذب الاستثمارات له.. وهو أيضًا يعد من الإجراءات المهمة لمكافحة الفساد والرشاوى، مع خفض الإجراءات البيروقراطية التي كانت تسهم في إطالة مدة منح الرخص للمخططات السكنية الخاصة.
خفض مدة الحصول على رخصة المخطط السكني الخاص سبق المطالبة به، والكتابة عن أهميته منذ سنوات، وهو بكل تأكيد سيكون له أثر إيجابي على السوق العقارية بزيادة العرض وتقليص التكلفة من حيث المدة الزمنية التي ينتظرها المطور ليتمكن من بيع مخططه؛ وهو ما يخفض المخاطر عليه؛ وبالتالي مع كثرة المخططات سيزداد العرض وتنخفض الأسعار بسبب تعدد الخيارات أمام المشتري النهائي، مع أهمية فحص بقية الإجراءات والأنظمة المطلوبة أيضًا لدعم توازن السوق العقارية، وزيادة كفاءة وعدالة التسعير فيه، وتقليص نسبة تكلفة الأرض بقيمة الوحدة السكنية؛ وهو ما سيدعم حلول ملف زيادة تملُّك السكن.