
تقع الإستراتیجیة الوطنیة للإسكان، والتي تم إصدارھا على ھیئة مجلد مخملي جمیل عام 1432 في 116 صفحة وتدور فصولھا، التي صدرت بالتعاون مع المؤسسة الألمانیة للتعاون الدولي «جي آي زد»، حول خمسة محاور أساسیة ھي التمویل، والتخطیط العمراني، وسوق الأراضي، والتشیید والبناء، والإدارة العامة، ومن أول استعراض سریع لھا یلفت نظرك العبارة التي جاءت في مقدمة الإستراتیجیة والتي تشیر إلى أنھا الإستراتیجیة وثیقة عملیة قابلة للتطبیق بصورة فوریة!
ولیت الأمر توقف عند ھذا الحد بل إن الإستراتیجیة قررت وبشكل قاطع، وغیر قابل للنقاش أن قطاع الإسكان سوف یسھم في تمكین جمیع المواطنین من الحصول على سكن مناسب عام 2020.
ویبدو أن ھذه الخطة التي لم تتحقق والتي لا تزال تسمى مجازا إستراتیجیة طبخت على عجل على خلفیة تلك الفورة الإسكانیة والاندفاع الذي صاحب تلك المرحلة وتحت زخم المبالغ التي رصدت والوحدات التي أعلنت، ولكن بعد أن ھدأت الأمور ورجع كل شيء إلى نصابھ الطبیعي انكشف وجه الإستراتیجة شأنھا شأن أخواتھا، وھنا من حقنا أن نسأل عن الفارق الكبیر بین ما تضمنتھ ھذه الإستراتیجیة والخطط المعلنة المصاحبة لھا وما تحقق خلال ھذه السنوات التسع على أرض الواقع، ومن یسأل عن الفارق الكبیر؟ وھل لا تزال الإستراتیجیة التي قضت أنھ في عام 2020 سیكون جمیع المواطنین قد تمكنوا من الحصول على سكن مناسب لا تزال ساریة المفعول وتسمى إستراتیجیة!
كانت غایات الإستراتیجیة تكمن في ثلاثة جوانب وھي زیادة المعروض من المساكن، وتطویر الأنظمة لتحقیق متطلبات المواطنین، وتحقیق سوق إسكان مستدام قادر على التجاوب مع الطلب، فماذا تحقق من كل ذلك یا ترى؟
والذي یطلع على الإستراتیجیة الیوم یدرك مدى الانحراف والتفاوت الذي طرأ على برامجھا وخططھا خلال ھذه الفترة الماضیة بحكم التجارب والتغییر المستمر في الأنظمة والبرامج والمبادرات، وھذا أمر متوقع في ظل تعاقب ثلاث إدارات وزاریة علیھا، حیث لم یتبق أحد في الوزارة من أولئك الذین قاموا بإعدادھا، وھذه محنة خططنا وإستراتیجیاتنا، لأنھا خطط وزیر ووكلاء ولیست خطط وزارة، ویفترض والحالة ھذه أن تعرض مثل ھذه الإستراتیجیات الوطنیة الفضفاضة على مجلس الشورى لمناقشتھا، وأن تعرض علیه تقاریر سنویة عن نسب إنجازه.