تتمع المملكة العربیة السعودية بوفرة أراض متعددة الاستعمالات، تختلف باختلاف مناطقھا وطبوجرافیتھا. فمنھا الأراضي الجبلیة الوعرة، ومنھا المناطق الساحلیة وأخرى زراعیة، وأراض منبسطة لمدن سكنیة، إضافة إلى أن جزءا من تلك المساحات أراض صحراوية.
وما أقرّته حكومتنا الرشیدة منذ تأسیسھا على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمة الله- على تملك المواطنین الأراضي التي قاموا بعمارتھا، وما تبع ذلك من إجراءات وضعت لتنظیم ھذا التملك، بھدف تحديد ھوية الاستعمالات، وتخطیطھا حسب المعايیر
المنظمة لذلك.
وما شھدته المملكة من نھضة عمرانیة شاملة خلال السنوات الماضیة، نتج عنھا تغیر في طبوجرافیة بعض المناطق الزراعیة. ولكونه تم وضع مخططات إرشادية لجمیع المدن، حددت فیھا الاستعمالات الفعلیة للأراضي، تھدف تلك المخططات إلى وضع خطط إستراتیجیة ترسم وتحدد ھوية المدن، فإذا انحرف مسارھا حدثت العشوائیة، والمقصود بالعشوائیة ھنا أن يقوم ملاك تلك الأراضي الزراعیة -على سبیل المثال- بتخطیط أراضیھم وتعديل استعمالاتھا، دون الرجوع إلى الإجراءات المنظمة لذلك، وھذا ما يخلق العشوائیة في التخطیط، ويؤدي إلى ھدر في الأراضي الزراعیة التي كانت تحدد ھوية السكان لتلك المدن.
كما أن ھناك عدة أسباب تسھم في ھذا الأمر، فالتطور الحضري للمدن وزيادة الكثافة السكانیة الناتجة عن تمركز السكان في المدن، وترك القرى بحثا عن الخدمات الصحیة والتعلیمیة، وتعدد واختلاف مصادر الدخل، تسببت في كثرة الطلب على الأراضي السكنیة، وجعلت الاستغناء عن الأراضيّ الزراعیة أمرا سھلا، وترك المھن والحرف التي كان أصحابھا سابقا يعدونھا مصدر الدخل الوحید لھم.
وكل ما سبق إيضاحه لا يجعل ما يقوم به أصحاب تلك الأراضي الزراعیة على صواب، فھوية المدن يجب ألا تتغیر، وأن تكون متوافقة مع النھضة العمرانیة، ومتناسبة مع الاحتیاجات الحضرية.