تمكنت السوق العقارية المحلية بعض الشيء من تحسين نشاطها، خلال واحدة من أصعب الفترات الزمنية التي تمر بها، لتسجل نموا في نشاطها خلال الأسبوع الماضي بنسبة 20.7 في المائة، مقارنة بانخفاض نشاطها خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة حادة وصلت إلى 84.9 في المائة، واستقر إجمالي قيمة صفقاتها الأسبوعية عند 1.9 مليار ريال، ورغم هذا التحسن في قيمة الصفقات، إلا أنه لا يزال عند أدنى مستويات السوق التاريخية.
وشمل الارتفاع في نشاط السوق كلا من قطاعيها الرئيسين السكني والتجاري، خاصة لدى القطاع التجاري الذي تأثر أكثر من غيره بزيادة ضريبة القيمة المضافة، الذي سجل ارتفاعا خلال الأسبوع الماضي بنسبة 60.8 في المائة، مقارنة بانخفاضه الحاد خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة 91.3 في المائة، مستقرا بنهاية الأسبوع عند مستوى 556 مليون ريال. كما سجلت قيمة صفقات القطاع السكني ارتفاعا أسبوعيا بنسبة 9.9 في المائة، مقارنة بانخفاضها القياسي خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة 81.1 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 1.4 مليار ريال.
كما تمت الإشارة إليه سابقا، فلا يزال نشاط السوق العقارية خاضعا لتأثره بتطبيق النسبة الجديدة لضريبة القيمة المضافة الأساسية، التي بدأ العمل بها من مطلع الشهر الجاري، وتوقعات استمرار ذلك التأثر خلال الفترة الراهنة لعدة أسابيع أو حتى لأشهر مقبلة، في الوقت ذاته الذي سيشهد خلاله نشاط السوق تحسنا متدرجا في مستويات أدائه أسبوعا بعد أسبوع كما حدث خلال الأسبوع الماضي، واقتران ذلك التحسن بمزيد من الخصومات السعرية، تستهدف امتصاص الأثر الناتج عن زيادة ضريبة القيمة المضافة، التي ستساعد على استعادة واجتذاب المتعاملين والمستهلكين على حد سواء.
وفي جانب المؤشرات الأخرى للأداء الأسبوعي للسوق العقارية المحلية، ارتفع عدد الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 16.4 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبق بنسبة 7.6 في المائة، ليستقر العدد بنهاية الأسبوع عند مستوى 5.3 ألف صفقة عقارية. كما ارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع الماضي بنسبة 16.4 في المائة، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 8.1 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5.4 ألف عقار مبيع. كما ارتفع إجمالي مساحة الصفقات العقارية المنفذة بنسبة 60.4 في المائة، مقارنة بنسبة انخفاضه خلال الأسبوع الأسبق 18.8 في المائة، ليستقر الإجمالي عند مستوى 27.1 مليون متر مربع.
ارتفاع أعداد الوحدات السكنية خلال 2019
أظهر أحدث البيانات الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء، المنشورة في تقرير الإحصاءات السنوية 2019 الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، ارتفاع أعداد الوحدات السكنية في المملكة إلى أعلى من 7.7 مليون وحدة سكنية بنهاية 2019، مسجلة ارتفاعا سنويا بلغت نسبته 4.1 في المائة، بزيادة في أعدادها خلال العام وصلت إلى أعلى من 307.1 ألف وحدة سكنية جديدة، وليرتفع بذلك إجمالي أعداد الوحدات السكنية الجديدة خلال الفترة 2016-2019 إلى نحو 1.3 مليون وحدة سكنية جديدة، أي بارتفاع بلغت نسبته 20.2 في المائة خلال أربعة الأعوام الماضية.
ووفقا لتلك التطورات الإيجابية على مستوى الزيادة السنوية في ضخ الوحدات السكنية، التي وصلت بمستواها السنوي إلى ضعف الزيادة السنوية في أعداد الأسر الجديدة من سعوديين وغير سعوديين، حيث لم يتجاوز الارتفاع السنوي لأعداد الوحدات السكنية المشغولة بأسر سعودية خلال 2019 سقف 90.8 ألف وحدة، أي بزيادة نسبية وصلت إلى 2.5 في المائة، وليستقر إجمالي أعدادها بحلول منتصف العام عند 3.7 مليون وحدة سكنية مشغولة بأسر سعودية، ووفقا لذلك يقدر وصول إجمالي أعداد الوحدات السكنية المشغولة بأسر سعودية وغير سعودية خلال الفترة نفسها إلى أدنى من 6.3 مليون وحدة سكنية، وبمقارنة تلك الأعداد سيظهر ارتفاع أعداد الوحدات السكنية الشاغرة إلى أعلى من 1.4 مليون وحدة سكنية، أي ما تصل نسبته إلى 18.5 في المائة من إجمالي أعداد الوحدات السكنية في المملكة، ويتوقع أن تزداد أعداد تلك المساكن الشاغرة مع زيادة ضخ مزيد من الوحدات السكنية الجديدة، إضافة إلى تزايد خروج كثير من أسر السكان الوافدين.
ولا تبدو هذه التطورات جديدة كما يعتقد البعض، فزيادة أعداد الوحدات السكنية الشاغرة سبقت فترة تلك البيانات المشار إليها أعلاه، حيث بدأت من عام 2010 وفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، التي كانت قد كشفت عن وجود 969.7 ألف وحدة سكنية شاغرة بنهاية 2010، أي ما نسبته 4.2 في المائة من إجمالي أعداد الوحدات السكنية، وأخذت أعدادها في الارتفاع عاما بعد عام إلى أن وصلت إلى مستوياتها الراهنة، وقد أثبتت تلك التطورات على أرض الواقع أنه لا توجد مشكلة تذكر على مستوى توافر الوحدات السكنية، بقدر ما أن صلب مشكلة سوق الإسكان يكمن في صعوبة وغلاء تكلفة تملك المساكن، التي تفوق بمستويات أسعارها السوقية المتضخمة جدا مستويات دخل الأسر، حيث لا يزال مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي دخل الفرد السنوي مرتفعا، ويقع ضمن نطاق تسع إلى عشر مرات حتى منتصف العام الجاري، ما يؤكد بدوره ضرورة بذل مزيد من الجهود والإجراءات الهادفة إلى معالجة تلك التحديات الجسيمة أمام الأفراد والأسر الباحثين عن تملك مساكنهم.
التغيرات في متوسط الأسعار السوقية للعقارات السكنية
جاء استمرار التصاعد في حجم الضغوط على مستويات الأسعار الجارية لمختلف أنواع العقارات السكنية “أراض، فلل، شقق”، خاصة منذ النصف الثاني من آذار “مارس” الماضي نتيجة التداعيات الناتجة عن انتشار الجائحة العالمية لفيروس كورونا، واستمدت زخمها أخيرا من الآثار الناتجة عن بدء تطبيق الضريبة الجديدة، وذلك ما أكدته مقارنة مستوياتها الراهنة بالفترة نفسها من العام الماضي، تفاوتت بين تباطؤ النمو في الأسعار أو انخفاضها بوتيرة أكبر وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة العدل، حيث سجل متوسط سعر المتر المربع للأراضي السكنية انخفاضا سنويا بلغت نسبته 14.8 في المائة، وسجل أيضا متوسط سعر الشقة السكنية انخفاضا سنويا بلغت نسبته 13.8 في المائة، بينما تباطأ النمو السنوي لمتوسط سعر الفيلا السكنية إلى 4.9 في المائة.