قبل عدة أيام، بدأت الفرق الطبية الميدانية المسوحات النشطة داخل الأحياء وبشكل مكثف للوصول إلى الأشخاص في منازلهم، وذلك للتقصي والتوسع في دائرة الاستكشاف، خصوصًا في الأحياء المكتظة والمواقع عالية الكثافة السكانية، وأهمها مواقع سكن العمال، ويتم من خلال هذا المسح إجراء الفحوصات، والتأكد من وجود حالات اشتباه أو أعراض للأفراد الموجودين في هذه المواقع، وهذا يساهم في أن تكون هناك سيطرة وإجراءات استباقية لكسر حلقات انتشار فيروس كورونا المستجد «حمانا الله وإياكم منه» بشكل مبكر جدًا.
إجراءات احترازية عاجلة تم اعتمادها من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية فيما يخص الشروط الصحية لمساكن العمال في جميع أنحاء المملكة، والتي للأسف كان أغلبها يفتقر للحد الأدنى من الاشتراطات الصحية، وشهدت الأيام الماضية زيارات عديدة للفرق المختصة للتأكد من سلامة تلك المساكن واستيفائها للاشتراطات، وخلال الأيام الماضية لاحظنا خطورة مساكن العمال العشوائية في انتشار الفيروس، مما يعني أن هذا الملف يحتاج لتصحيح عاجل واهتمام أكبر.
كوجهة نظر شخصية أرى أن هناك إجراءات واشتراطات عديدة من المهم أن يتم البدء في تطبيقها فيما يخص مساكن العمالة الوافدة، وحتى ننجح في ذلك وبأسرع وقت ممكن ينبغي أن تكون عمليات التفتيش مكثفة ومستمرة بشكل دوري، وفي هذا المقال لخّصت أهم الإجراءات والاشتراطات التي أرى أهمية لتطبيقها؛ لمعالجة هذا الملف على النحو التالي: «ربط تجديد السجلات بتقرير فحص معتمد عن سكن العمالة للمنشآت خاصة في الأنشطة التي يزداد فيها عدد العمالة متدنية الأجر، وألا يُعد عقد إيجار المساكن قانونيًا إلا في حال وجود هذا التقرير، والذي يحتاج لتحديث دوري، وفي حال كان المبنى مملوكًا للمنشأة فيكتفي بتقرير الفحص الدوري»، «ربط استقدام العمالة في الوظائف المتدنية الأجور، خاصة في بعض الأنشطة التي يزيد عدد عمالتها على 10 عمالة باشتراط وجود سكن مستوفٍ للاشتراطات الصحية، ويكون ذلك بتوقيع تعهّد مُسبق إلى أن تصل العمالة للمملكة»، «اشتراط تسجيل جميع البيانات الرئيسية لمساكن العمالة في صفحة المنشآت بموقع وزارة الموارد البشرية، ويتم تحديثها بشكل دوري مع تسجيل بيانات الموظف المشرف على المسكن، ويعتمد ذلك على نشاط المنشأة»، «تعليق لائحة تنظيم مساكن العمالة بعدة لغات داخل مقرات السكن حتى تكون الاشتراطات والالتزامات واضحة للجميع»، «تفعيل منصة إلكترونية بعدة لغات تتيح لكل العمالة للإبلاغ عن أي مخالفة في السكن الخاص بهم»، «يكون التحقيق في جميع المخالفات المتعلقة في سكن العمالة من خلال وزارة الداخلية متمثلة بإمارات المناطق الرئيسية»، «في حال إثبات أي تقصير أو مخالفة فيتم تطبيق أقصى العقوبات على المنشآت المخالفة، وتصل تلك العقوبات لإيقاف الاستقدام عن المنشأة، وسحب أي مشاريع عامة تمت ترسيتها على تلك المنشآت، بالإضافة لترحيل أي موظف وافد تثبت إدانته في تلك التجاوزات مهما كان منصبه في المنشأة»، «يشمل التحقيق مع مالك العقار الذي يتم استخدامه كسكن للعمالة في حال وجود مخالفات تتعلق باشتراطات الموقع والمبنى والمرافق، كما نصت عليه الأنظمة»، «إلزام ملاك العقارات التي يتم استخدامها كسكن للعمالة الوافدة بتسجيل جميع بيانات الساكنين في عقاراتهم، وذلك من خلال منصة معتمدة، ويتحمّل صاحب العقار كافة المسؤوليات في حال تجاهله تسجيل بيانات المستأجرين، وفي حال وجود أي عمالة مخالفة لم يتم الإبلاغ عنها».
ختامًا.. أرى أهمية لوجود ما يُعرف بـ «المدن العمالية» وذلك لعدة اعتبارات من أهمها تحقيق التوازن بين توفير مساكن ملائمة للعمالة الوافدة والحفاظ على هوية المناطق السكانية، وهنا نجد دور هيئات تطوير المناطق بالتعاون مع أمانات المناطق؛ لتوفير تلك المدن وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها.