لم تكن مشكلة السوق العقاري في يوم ما بسبب عدم وفرة الأراضي أو وجود مصدر تمويل فقط بل هي أكبر من ذلك، فقد تمثلت في عدم إمكانية الحصول على أرض بسعر مقبول في موقع معقول بعدما وصلت الأسعار إلى أرقام غير مبررة.
اليوم بدأت تتلاشى هذه المشكلة، فهناك بعض التحركات النشطة مؤخراً من قبل بعض المطورين والمستثمرين العقاريين بهدف تطوير الأراضي البيضاء في المدن الرئيسة داخل النطاق العمراني وفي أطرافها وإيصال الخدمات لها، وهذا مؤشر طيب يؤكد انتهاء تجارة الأراضي البيضاء والمضاربة فيها.
ويأتي هذا التطوير نتيجة لعدة عوامل أولها ضعف الطلب على شراء الأراضي الخام داخل وخارج النطاق العمراني بسبب ارتفاع أسعارها سابقا، كما أن الأراضي المطورة هي الخيار الأفضل للمستهلك النهائي ورغبته في شراء أرض مجهزة بالبنية التحتية أو شراء مسكن جاهز، وكذلك تلافي ملاك الأراضي دفع الرسوم الخاصة بالأراضي البيضاء.
ما زالت آثار المعوقات التي واجهت الاستثمار في المشروعات السكنية ماثلة في السوق العقاري وهي من تسببت في الإحجام عن هذا الاستثمار المربح والمجدي على المدى البعيد وتسببت أيضا في طرد رؤوس الأموال، وفي ظل سوق ناشئ يحتاج إلى سنوات طويلة للوصول لمرحلة النضج والاحترافية، والتخلص من ثقافة عقارية سادت لسنوات طويلة وتعتمد على التقليدية في التطوير والتداول العقاري والبيروقراطية الحكومية التي عطلت الكثير من المشروعات بسبب التأخر في منح التصاريح والموافقات اللازمة، وكذلك الفردية في القرار من قبل القائمين على الاستثمارات والمشروعات العقارية في معظم الشركات العقارية المساهمة والفردية.
تطوير الأراضي البيضاء وإيصال الخدمات لها وكذلك تطوير المشروعات السكنية والاستثمار فيها يساعد على رفع نسبة التملك وزيادة نسبة المعروض من الأراضي القابلة للبناء ويسهم في تخفيض الضغط على السوق، وضبط الأسعار عند حدود معقولة لتناسب القدرة الشرائية للمواطن.
وحالة الركود التي كان يعيشها السوق العقاري لم تكن في صالح الجميع؛ لأن العمل تعطل ولم يستفد أحد من الأطراف المعنية سواء المستثمر أو المطور والممول والمستفيد النهائي من المنتج السكني.
ولزيادة حجم التطوير وضخ المزيد من المساكن بالإضافة لما تقوم به وزارة الإسكان لا بد من تسريع وتيرة تطوير المدن الاقتصادية والاستفادة منها كنموذج مشجع للاستثمار الصناعي والسياحي والترفيهي ودعم إنشاء المشروعات السكنية داخل المدن، ومساهمة البنوك بشكل أكبر وتقديم التسهيلات لدعم الاستثمار السكني من خلال تمويل المطورين العقاريين والأفراد وبتسهيلات معقولة، وزيادة الاهتمام في إنشاء المدن الصناعية التي ينتج عنها فرص العمل وبناء المدن السكنية، والاهتمام بدعم وتطوير المشروعات السياحية في المدن والمحافظات الساحلية والمصايف، ودعم إنشاء الصناديق العقارية بهدف تطوير المشروعات السكنية والأراضي القابلة للبناء؛ لأنها من أفضل وسائل الدعم السكني وعوائدها على المستثمرين جيدة.