هذا الجيلُ صار جيل المستأجرين، وتقلص عدد مالكي المنازل.. لو أخذنا الإحصاء فقط من الناحية السنية سيكون الفارق ضخما؛ لأن من يملكون المنازل في النسبة القليلة من مالكي السكن مقارنة بالمستأجرين هم من كبار السن، الشريحة التي تعدت الأربعين عاما، وتكون نسبة الشباب هائلة لو حسبناها بمفردها».
وقال العضو المنادي بمشروع وطني للسكن: (وصلنا لمرحلة متردية ولا بد أن نحل المسألة التي تعرقل التطور العلمي والعملي والثقافي العام، مشكلة السكن.. وإني أتقدم بخطة خطوطها الزرقاء أن نقدم مشاريع الإسكان على أي مشاريع استراتيجية أخرى مهما كان حجمها، صحيح انها قد تعرقل مسيرتنا لفترة قصيرة، لكن بالمدى الأطول سنخرج بقوة اقتصادية أكبر؛ لأن العنصر البشري صار أكثر تأهيلا لاستلام زمام المبادرة لا يشغله شيء إلا تطوير ما يقوم به في اختصاصه، مع ارتفاع ثقافي عام.. وإني سأعمل بكل جهدي لتحقيق ذلك في المدة التي أحيا بها!) وصفق له الأعضاء، ليس كلهم، فمنهم من اعترض.
كل مشكلة تحمل مكراً وغرابةً والتواءً، إلا أن أكثرها التواءً ببلادنا أزمة السكن. وبرأيي ان المسالة لا تحتمل حلا من طرف واحد، أي الطرف المشرِّع، بل يجب أن تحل بمسألة أوسع ذهنيا في ضم كل الأطراف بصيغة تصنع حوارا لحلول مقبولة، فهناك أزمة الأراضي مثلا، وتمسك أصحابها بها بدون خطة إنمائية تسير مع الظرف العام في التفكير، وبأنهم يساهمون بصنع شعب من المستأجرين وهذا ليس في عافية الأمة ولا عافيتهم، لأنها ستنعكس عليهم اقتصاديا في المدى المتوسط.. والبنوك لابد أن تكون طرفا في ذلك، بتسهيل القروض لكبار المستثمرين والمطورين، وأيضا تسهيل الاقتراض للشباب في القطاع المتوسط، لذا على السلطات النقدية أن تسهل الأمر على البنوك مع تحفظها المسؤول بالحفاظ على المعدلات المقبولة احتياطا وائتمانا.
قد أقول إن الوضع أصبح كارثياً.. هل فجعك الوصف؟ فكارثة كلمة ثقيلة جدا، وأقول إن كنت تظن أنها كبيرة أو مضخَّمة فعليك أن تعرف أن قوة أمتك الفتية الفاعلة همها الأول الآن تأمين الإيجار الشهري، بل هناك صفة أخرى تحت مجتمعية لا تُلاحَظ بالسطح، وهي أن قطاعا كبيرا صاروا رحالة من سكن لآخر.. فأعطوني صفة أخرى للمسألة.
ولحل هذا الموضوع الهام لا يكفي أن تلتقي أماني ونوايا أصحاب الحل والعقد، وأطراف المشكلة، بل نحتاج أن تظهر خطة واضحة بخطوط مراجعة وتقييم ومتابعة ومحطات استدلال ومسارات تنفيذ على الأرض لبناء مساكن تفي قطاعاً عريضاً، فالعمل بذهن واحد سيراوح مكانه إن لم يتراجع القهقري.
تحت موج الإحصاءات الملموسة من الصعب التفاؤل بالوقت الحالي، والأخبار الجيدة هي بدء اهتمامات أطراف مؤثرة بموضوع السكن، واهتمامٍ جدي بالإحساس بالخطر»
عفوكم.. لم أقل لكم إن كل ما كتبت أعلاه هو ترجمة من “الأبسورفر” البريطانية اقتطاعاً من مقال لِـ”ماثيو تايلور”، و”الدايلي تلغراف” التي كتبت بتتابع عن الخطة التي خرج بها النائب البرلماني “جورج أوبزورن” وأشرت له بالعضو بترجمتي.
ولم أنقل هذا لأقول إن هذا يحصل بأحسن البلدان، بل العكس تماما، فإن كان يحصل ببريطانيا رغم تقدمها، فلا بد أن نفتح عيوننا وعقولنا وتحسساتنا للخطر على آخرها، لندرك مدى عمق تهديد مسألة السكن، والعمل جديا وعقليا وتطبيقيا وشفافية على حلها.. ونسيت أن أقول لكم إن عنوان المقال ليس من عندي بل هو عنوان متصرَّف نقلته من “الدايلي تلغراف”.
أوه.. نسيت أيضاً أن أقول لكم إن المستشار “أوبزورن” قال: “إننا نواجه أكبر تحدٍ لنا في حياتنا”!.