الانحياز أو التحيز «bias» هو حكم مسبق في موضوع أو قضية خاصة أو عامة، وعادة ما يكون عن طريق تبني أو مساندة وجهة نظر، يؤدي إلى القبول أو عدمه بصحة ادعاء ما، ليس بسبب قوة الادعاء ومؤيداته وبراهينه، لكن لأن هذا الادعاء لا يلائم معتقداته وأفكاره المسبقة.
خلال الفترة القريبة الماضية تابعت عن كثب إحدى تلك القضايا المثارة بحكم اختصاصي القانوني داخل منظومة الرأي العام المحلي، والمتعلقة بصندوق التنمية العقارية، بعد توكيله المؤسسات البنكية لإقراض المستفيدين على قوائم انتظاره بدلاً من
إقراضهم من رأس ماله مباشرة.
بعيداً عن التحيز الإعلامي لطرف على حساب آخر، دونت أبرز ما أثير حيال برنامج «القرض العقاري» وخضت في تفاصيل الأحكام الصادرة سواء ضد الصندوق أو لصالحه، لذا نحن بحاجة إلى التريث لفهم دلالات ما يجري قانونياً في المقام الأول.
قرأت بدقة حيثيات الطرفين في توجهات الصندوق العقاري وتحوله بشأن الإقراض إلى البنوك لأسباب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هنا، وتأكيد البعض بأن الصندوق خالف قرار مجلس الوزراء رقم (82) الصادر في 03/05/1435ه الذي ينص بسريانه على جميع طلبات القروض المقدمة للصندوق، باستثناء المقدمة على الصندوق التي لدى أصحابها أرقام قبل تاريخ 23/7/1432ه، فإن المبالغ تصرف لهم من رأس ماله.
وبناءً على مسببات الأحكام التي كسبها الصندوق ضد المدعين توصلت إلى قوة موقفه القانوني كجهة إدارية تملك سلطة تقديرية لاختيار طريقة تقديمه للدعم السكني للمستفيدين على قوائم انتظاره، استناداَ إلى نظام الصندوق العقاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/23) وتاريخ 11/06/1394ه، الذي يتيح له بنص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة «بجواز أن يتولى إدارة منح الصندوق ومتابعتها وحفظ حساباتها من قبله مباشرة أو يوكل ذلك إلى إحدى المؤسسات البنكية طبقاً لعقد يبرم لهذا الغرض».
ما يدعم الصندوق ويعزز موقفه القانوني، عدم امتناعه عن منح القروض العقارية، وإنما استخدم سلطته في توكيل إحدى المؤسسات البنكية طبقاً لعقد يبرم لهذا الغرض، وهو موقف سليم ويستند إلى نظام الصندوق العقاري.
أمر آخر يعزز موقفه أيضاً مواد العقد الثلاثي الخاص بالدعم السكني الذي يحدد التزامات الصندوق تجاه المستفيد وينص على تقديمه الدعم الوارد في العقد بشكل شهري بعد سداد المستفيد لأي قسط شهري مستحق عليه للممول العقاري وفقاً لعقد التمويل.
ما يعني في الأخير أن مخاوف المستفيدين من إمكانية تخلي الصندوق العقاري عنهم بعدم تقديم الدعم لأرباح القروض مبددة بمواد العقد الثلاثي، لأنه بمثابة مرجعية العلاقة بين المستفيد والصندوق والممول العقاري فمواده وأحكامه وشروطه تشرح كافة حقوق المستفيد وواجباته تجاه الصندوق.