
نشرت في صحفنا المحلية أخبار عن قضايا الفساد والجهود المبذولة من الجهات المختصة لمواجهتها ومكافحتها، وقد نشر صحفيا قبل أيام بعض ملفات قضايا الفساد وكان منها المهندس الذي حول 19 عدادا كهربائيًا من تجاري إلى سكني؛ بهدف التلاعب في الرسوم، وكذلك عدد من قضايا الفساد في القطاعات الأخرى. وعلى الرغم من تعدد تلك القضايا وتنوعها، فإن تلك الأخبار تعكس أيضا الجهود المباركة في محاربة الفساد والتصدي له بكل حزم وقوة.
وهنا ينبغي التأكيد على أن الفساد ظاهرة عالمية، وله ركائز أساسية تساهم في انتشاره وتجذره، ومنها وأخطرها: عدم التثقيف بأنواعه وأساليب ومراحل مواجهته، كما أن عدم المساءلة وعدم مواجهة الفساد يعيق التنمية وينشر الفوضى ويطرد الاستثمار، وتختلف طرق مكافحته من بلد الى آخر حسب ظروفه الاجتماعية والاقتصادية وطبيعة ومستوى الفساد فيه.
وفي مملكتنا الحبيبة، تعتبر مكافحة الفساد عنصرا أساسيا من منظومة التنمية لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وقد كان منها صدور الأمر الملكي بضم «هيئة الرقابة والتحقيق» و«المباحث الإدارية» إلى «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» وتعديل اسمها ليكون «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد»، وإنشاء وحدة تحقيق وادعاء جنائي في الهيئة الجديدة، من أهم الإجراءات التي اتخذتها المملكة لمكافحة الفساد.
وأخيراً وليس بآخر، فإن لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد الجديدة دورا مهما، بالتعاون مع جميع القطاعات التنموية وتخصصاتها المختلفة، ومنها التخطيط الحضري والإقليمي؛ لما يحوي من سياسات لتخطيط المدن تساهم في توفير جميع الأراضي للاستعمالات المختلفة ومشاريع التنمية بمعايير وخطط وبرامج تحقق النمو المتوازن والمستدام وتجذب الاستثمار وتحافظ على أراضي الدولة وتراقب استخداماتها المختلفة.
وهنا أطرح مبادرة عمل «دليل التخطيط الحضري والإقليمي لمكافحة الفساد»، بهدف وضع تصور شامل لسبل التخطيط الحضري والإقليمي في مكافحة الفساد خلال مراحل تنمية المدن والقرى، وذلك من خلال التعاون بين أقسام التخطيط الحضري والإقليمي بالجامعات، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وهيئات تطوير المناطق، ومن خلال عقد ورش عمل متخصصة حول دور التخطيط الحضري والإقليمي في مكافحة الفساد والخروج بدليل يساهم في علاج قضايا التنمية.