جاء حديث نائب رئيس الهيئة العامة للإحصاء الأستاذ عبدالله الباتل في الغرفة التجارية بالرياض قبل أيام قاصماً ونافياً لكثير من الأطروحات التي يتم تداولها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عن العقار في المملكة وما يتم بشأنه من اختلاق ووضع تصورات خاطئة أضرت بالناس وجعلتهم يسيرون في الطريق الخطأ.
ما لفت النظر أكثر في حديث الباتل هو تأكيده بأن المؤشرات والقراءات التي تصدر من جهات إعلامية وأشخاص مهتمين بالعقار ليست إلا اجتهادات لا ترتكز على أرقام أو تبنى على واقع، وإشارته هذه أعادت كثيراً من اللغط الذي أصاب الشأن العقاري إلى الواجهة، وبما يؤكد أن هناك من أرادوا تدمير هذا القطاع ببث الأخبار الوهمية من خلال اختلاقهم لمؤشرات غير صحيحة.
الأهم أكثر أن ما أشار به نائب رئيس الهيئة قد جعلنا أنا وكثيرين في محل تقديم الاعتذار بتصديقنا وترديدنا بأن هناك صفقات وهمية لأجل إنعاش سوق العقار، وهو يؤكد جازماً أن مثل ذلك غير حقيقي ويشدد على أن لا وجود في الوقت الحالي للصفقات الوهمية وكأنه يريد أن يقول لنا إن من يتبنون هذا الأمر متوهمون يريدون لسوق العقار كثيراً من التراجع والانحطاط.. ويبقى أن المهم في الأمر أن هيئة الإحصاء هي المرجع الحقيقي لكل الأرقام والمعلومات وأن ما يتم تداوله من غيرها هي مجرد اجتهادات قد يكون كثير منها يدخل في إطار العبث أو التكسب الذي لا يستند على حقائق موثقة.
شخصياً أتمنى أن يصل العقار وخاصة في المدن الكبيرة كما الرياض إلى أقل من السعر الحالي وبكثير فأنا كغيري نريد أن يتوافق مع قدراتنا وقدرات أبنائنا المالية لأجل بناء منزل العمر، لكن ما لا نريده أن ننقاد كالبلهاء لفترة زمنية غير قصيرة خلف باحثين عن الانتشار ممن سبيلهم دغدغة عاطفة الناس من خلال احتياجها للمسكن والكذب عليهم بأرقام وتوقعات وهمية لم يكن لها أي أساس من الصحة، ويكفي أن الصفقات الوهمية التي كنّا نسمع بها ونصدقها فوراً ونقوم بإعادة نشرها لأجل الاقتصاص ممن يقوم بها قد تم تكذيبها من قبل الباتل، فمن غير المنطق أن يكون هناك صفقة وهمية تعبر من خلال هيئة الإحصاء غير تلك التي تستند في أرقامها على ما يتم من بيع حقيقي موثق بصكوك شرعية.
أزمتنا مع الباحثين عن الشهرة ممن خدعوا الناس لسنوات طويلة ما زالت قائمة، ولن يكفي الحديث القوي المرتكز على وثائق وتمكّن حكومي من السيطرة على الأرقام المتداولة الذي أدلى به الأستاذ عبدالله الباتل ليحمي الناس من أصحاب التنبؤات العقارية المضللة، بل نحتاج إلى أن تكون هيئة الأحصاء قادرة على التواصل وتقديم الدعاوى ضد من يريد بأرقامها والمواطنين خللاً، بل ويتجاوز عليها بصناعة مؤشرات لا تستند على حقائق أو ترتكز على بعد إنساني يفيد المستهلكين والمتطلعين للشأن العقاري السعودي.
بعد حديث نائب رئيس الهيئة ودعوته المباشرة لوسائل الإعلام إلى تبني الحياد التام في نشر المعلومات والأخبار التي تؤثر بشكل أو بآخر في القطاع العقاري ومؤشره العام، والبُعد عن الأخبار والمعلومات المغلوطة، والأهم وهي معلومة لم نكن نعلمها من قبل أن هيئته وخلال أوقات سابقة قد خاطبت وسائل الإعلام ومن بينها الصحف لأجل الالتزام بمؤشر الهيئة، والتوقف عن إطلاق المؤشرات.. يبقى السؤال المطروح عن من سيحاسب أولئك الذين غرروا بالناس وقدموا لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر مقالاتهم توجهات وتوقعات لا أساس لها من الصحة؟!.. لا سيما وأننا انقدنا لموجة التنبؤ بانهيار العقار حتى أصبح كثيرون منّا ينتظرونها في كل لحظة لأجل شراء أرض “بتراب الفلوس” لبناء منزل العمر؟!..