في الوقت الذي ينعم فيه كثيرون منَّا بالأمن والاستقرار في بيوتهم ومع أسرهم وأطفالهم، يوجد من أبنائنا من يرابط ببطولة على الحدود بعيونهم التي لا تنام، وبقلوبهم التي تحتضن كل ذرة من رمل أو تراب هذا الوطن، يكتبون بدمائهم وجروحهم أروع أمثلة الفداء والتضحية والتصدي لكل المخططات الإجرامية والعدوانية التي تريد النيل من بلادنا وأمنها واستقرارها ووحدتها.
هؤلاء الشجعان والأبطال، يستحقون منا أن نشاركهم لحظاتهم التاريخية، ونتذكر دوماً أنه وبينما نكتفي بالاحتماء بين جدران منازلنا في هذا الطقس البارد، يسجلون بفدائيتهم نموذجاً ساهراً يتحدون به كل العواصف والأنواء والتقلبات.. لا نشاركهم فقط بالكلمات أو بالتشجيع المعنوي، ولكن نشاركهم بتفهم ظروفهم الاجتماعية، ونرفع عنهم ما قد يكون عبئاً عليهم مادياً أو عملياً، كأبسط واجب تقديري لبطولات وتضحيات لا تعوضها أموال الدنيا.
وكم كنت سعيداً، كمواطن سعودي وابن من أبناء هذا البلد، بقرار مجلس الشورى الأخير بإعفاء المرابطين المشاركين في عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل من سداد ما تبقى من قروض صندوق التنمية العقاري، في خطوة معنوية على الأقل، تعيد لهم جزءاً من حقوقهم علينا، وتمنح لأسر الشهداء والمصابين بريقاً ورسالة بأن هذا الوطن، لا يتنكر أبداً لتضحيات أبنائه، ويفهمهم أن تضحياتهم لا تذهب سدى.
وفي هذا المقام، أضم صوتي لكثير من المخلصين والوطنيين، الذين دعوا القطاعات المصرفية والأهلية الأخرى غير الحكومية بالتعامل بالمثل، وذلك عبر مبادرة جادة تقوم بموجبها البنوك السعودية بتقديم أقل واجب وطني يتضمن إعفاء هؤلاء المرابطين مما تبقى من القروض البنكية المستحقة عليهم.. وحبذا لو استطعنا إنشاء صندوق تعاوني ممثلاً من قطاعات الدولة الرسمية والقطاعات الأهلية، لدراسة الحالات المستحقة، واتخاذ قرار جريء ووطني بالمقام الأول وإعفائها مما عليها من مستحقات مالية، تضامناً معهم وتقديراً لبطولاتهم.
أثق في أن اقتراحاً كهذا، ربما يأخذ طريقه للنور قريباً، وأثق أيضاً بأن هناك كثيرين من رجال أعمالنا ووجهائنا مستعدون للمشاركة في برنامج رائع كهذا، يذكي روح الوطنية في النفوس وتشجيع أجيالنا الصغيرة من المساهمة ولو بريال واحد، يمكنه أن يكون في النهاية حصيلة مجتمعية رمزية من كل أبناء الوطن وبناته، تشعر هؤلاء وأسرهم بأنهم مثلما هم من نبت هذا الوطن، فإن كل أبناء الوطن يحملون لهم التقدير والامتنان.
فكرة، ربما تبحث عمن يحملها ويحققها، ورغم رمزيتها فإنها تجسد وحدتنا الوطنية وتكافلنا الاجتماعي وقوتنا جميعاً.