خاص: حديث العقار
لازالت قضية الصكوك المزورة للأراضي وتورط كتّاب العدل في إصدار هذه الصكوك هي محط اهتمام الجهات المعنية والمسؤولة بهذه القضية الشائكة، والتي من شأنها التأثير سلباً على سوق العقارات السعودي وكذلك أملاك الدولة، حيث أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة” عن صدور حكم بالسجن لمدة سنتين على كاتب عدل أُدين بتزوير صك ملكية أرض، بالإضافة إلى فصله من العمل.
تورط كتاب العدل
فيما صرح عبدالرحمن العجلان المتحدث الرسمي لـ”نزاهة”، أن الهيئة تلقت بلاغاً من أحد المواطنين يفيد فيه أنه اشترى أرضاً تبين له لاحقاً أن صك ملكيتها الصادر من إحدى كتابات العدل بمنطقة تبوك مزور، واتضح أن كاتب العدل قام بإتمام إجراءات بيع الأرض عدة مرات دون حضور مالكها الأصلي، مما يمثل تزويراً بإثباتات وقائع كاذبة على أنها وقائع صحيحة.
وأضاف العجلان، أن الهيئة اتخذت الإجراءات النظامية المقررة في هذا الشأن، وأحالت الموضوع إلى هيئة الرقابة والتحقيق وتابعت معها في ذلك، وصدر حكم المحكمة الإدارية القاضي بإدانة كاتب العدل بما نسب إليه من تزوير، واستعمال المُحرر المزور ومعاقبته بالسجن لمدة سنتين، ومعاقبة موظفين آخرين في نفس الدائرة، بالسجن لمدة سنتين لأحدهما وسنة للثاني، وتم تأييد الحكم من محكمة الاستئناف، وقد تابعت الهيئة الموضوع مع وزارة العدل التي أصدرت قرارها بفصل كاتب العدل المذكور.
وأكد أن نزاهة تعلن عن ذلك لتؤكد أهمية تعاون المواطنين مع الهيئة في الإبلاغ عن حالات للفساد المالي والإداري، باعتبارهم أحد الشركاء المهمين في القضاء على جرائم الفساد.
إلغاء صكوك الأراضي المليونية
وكانت وزارة العدل منذ فترة ليست ببعيدة قد قامت بإلغاء صكوك الأراضي المليونية ليتم تسليمها لوزارة الإسكان، وتعمل عدداً من اللجان على إجراءات تسليم هذه الأراضي لأمانات المناطق، وذلك بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية.
ومعظم هذه الأراضي تقع في مدينة جدة ومدن ساحلية أخرى، وبالتالي ستستفيد الإسكان من هذه الأراضي في مشاريعها السكنية، خصوصاً وأن معظمها يقع في نطاق المدن وبالقرب من مواقع الخدمات.
صكوك مزورة لأراضي وزارات
وبحسب لجان فحص الصكوك بكتابات العدل بوزارة العدل فقد تمكنت من ضبط صكوك مزورة وإلغائها، كما فضت صكوكاً مزورة ووهمية لأراضٍ مملوكة أصلاً لعدد من الوزارات، بلغت مساحتها أكثر من 110 ملايين متر مربع قُدرت قيمتها بأكثر من 80 مليار ريال.
مخالفات كتابة العدل
فيما كشفت مصادر مطلعة مؤخراً عن رصد وزارة العدل مخالفات عديدة في كتابة عدل محافظة الجبيل تمثلت في بعض الصكوك المزورة بمساحات كبيرة جداً، طالت بعض الأراضي المخصصة لجهات حكومية، وبعض الأراضي الأخرى الواقعة على طريق الجبيل السريع، بالإضافة لرصد تجاوزات وظيفية، منها استغلال السلطة، والإهمال في حفظ الوثائق الرسمية والصكوك.
جولات تفتيشية
وذكرت المصادر أن وزير العدل الشيخ د. وليد بن محمد الصمعاني قد وجه عدداً من المفتشين المختصين للقيام بجولة تفتيشية عاجلة لكتابة عدل الجبيل نتج عنها رصد المخالفات المذكورة، مؤكدةً بأن الوزارة ستتخذ كافة الإجراءات لمساءلة المتورطين في إصدار تلك الصكوك سواء كانوا موظفين أو كتاب عدل أو أي شخص ثبت اشتراكه في ذلك، وسيتم التحقيق مع كل من ثبت تورطه، وسيقدم للمحاكمة وفق الإجراءات النظامية.
وتأتي هذه الخطوة ضمن عدة خطوات مشددة ومستمرة من وزارة العدل لمراجعة سلامة الصكوك، ومطابقتها للمسوغات الشرعية والنظامية، والتعامل مع ما يخالف ذلك بالرفع لجهة الاختصاص تمهيداً للنظر فيها حسب ما تقضي به الأنظمة والتعليمات، حفاظاً على الممتلكات العامة وإعادتها لما خصصت له.
تعاميم وتوجيهات مشددة
وبحسب المصادر أيضاً فأن هناك تعاميم وتوجيهات مشددة صادرة من وزير العدل تؤكد على كتّاب العدل توخي الدقة في إصدار الصكوك، والاعتماد على الصكوك مكتملة الإجراء.
ووضعت الوزارة لجانا لفحص ودراسة الصكوك، تقوم برصد الصكوك ودراستها ورفع المخالف منها لمحكمة الاستئناف في المنطقة التابعة لها، للنظر في مدى مطابقتها لمقتضى الشرع والنظام، حيث كان لهذه اللجان دور كبير في كشف الصكوك المخالفة وغير النظامية.
وكانت وزارة العدل قد أوضحت في وقائع مماثلة بأن هناك توجيهات مستمرة ومشددة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- تقضي بحماية أملاك الدولة، واتخاذ كافة الإجراءات النظامية لمحاسبة كل من ساهم أو حاول التلاعب والتزوير في إصدار الصكوك، وعدم التهاون في ذلك، وأن تبقى الأراضي الحكومية لما خصصت له من مشروعات تنموية تعود بالنفع العام على المواطنين.
صكوك مضروبة قيمتها عشرات المليارات
وبحسب وزارة العدل فإنه تم التحقيق في صكوك مضروبة صدرت عن كتابات عدل تتجاوز قيمتها المالية عشرات المليارات من الريالات ما زالت جارية لاستكمال إجراءات عدم صحة هذه الصكوك،وتعمل الوزارة على كشف جميع الصكوك المزوّرة ومحاربتها وتطبيق الأنظمة والتعليمات بكل دقّة وحزم حيال ذلك، وتهيب الوزارة بمن لديه أي إشكال حول أي صك الرفع للوزارة عنه، وإذا كان مصحوبًا بمعلومات شبهة فساد من محسوبيات أو تسهيلات أو رشاوى أو غيرها من أي كائن من كان أن يتمَّ الرفعُ بها للجهات الرقابية، ولدى هذه الجهات صلاحيةُ الاطلاع على سجلات كتابات العدل ومباشرة مهامها، وللعلم فإن غالب ما يجري التحفظ عليه من الصكوك يعكس بكل أسى وأسف مستوى عبث عدد من ضعفاء النفوس بالمصلحة العامة وبحقوق المواطنين الخاصة، وأكثرها تتركز على إضافة مساحات شاسعة على مشمول الصك الأصلي، وعلى تزوير الصكوك وتزوير مساحاتها والحصول على صكوك لا رصيد لها، كما يعمد بعضهم إلى الإفراغ أكثر من مرة في وقت متقارب بعد الحصول على الصك المشبوه، وذلك بحسب البيان الذي الذي أصدرتة الوزارة .
وقف إجراءات الصكوك
وبحسب مصادر فإنه تم تحرير وزارة العدل لأراضٍ تعود ملكيتها للدولة وأخرى للمواطنين طالتها عمليات تزوير عبر صكوك مضروبة بعدد من مناطق المملكة، والوزارة طالبت من القضاة وكتاب الضبط بكافة المحاكم وكتابات العدل وقف إجراءات نقل ملكيات أو إفراغات أي صكوك “غير عادية” أو يشتبه بتزويرها أو تحريفها، وكذلك الصكوك التي لا يوجد لها أصول بالمحاكم، وإحالتها فورًا للوزارة لدراسة وضعها، ومن ثم إحالتها للجهات المختصة للتحقيق مع أطرافها.
مشددة على أهمية تفعيل هذا الإجراء، واعتباره نظامًا ملزمًا للتعامل مع مختلف الصكوك المشبوهة، ووفقًا للمادة الخامسة عشرة من اللائحة التنفيذية لاختصاص كتاب العدل، والتي تنص على أنه يتوجب على كاتب العدل الرفع بأي مستندات أو صكوك ووثائق يظهر عليها شبهة التزوير أو التحريف أو التي تكون أصولها ملغاة، وتحرير محضر بالواقعة، يرفق به ما يثبت شخصية مقدم هذه الأوراق، تمهيدًا لإحالتها من قبل الوزارة للجهات المختصة.
وأوضحت أن الإجراءات التي تتخذها الوزارة في هذه القضايا تتمثل في شطب الصك المزور وإلغاء المساحات الأخرى التي أدخلت على الصك الأساسي بعد ثبوت أن المساحة المدخلة على الصك الأساسي تمت عبر التحايل والتزوير وصرف النظر عن الخصومة، وإعادة ملكية المساحة المدخلة على المخطط لأملاك الدولة، وتحويل أوراق القضية للجهات الأمنية لمحاسبة المتورطين في عملية التزوير والتحقيق معهم لمعرفة ملابسات إلحاق مساحات شاسعة بطرق مخالفة.
وتهدف وزارة العدل من خلال التنظيمات التي وضعتها للتعامل مع صكوك الأراضي بالتشديد على إيقاف إجراءات نقل ملكيات وإفراغات أي صكوك غير عادية ، أو يشتبه بتزويرها أو تحريفها وأن هذه الإجراءات تم تعميمها على كافة المحاكم حتى يتم إطلاع كتّاب العدل والقضاة عليها.