في أقل من ٤٨ ساعة تصدر هاشتاقات تويتر تصريح معالي وزير الإسكان ماجد الحقيل عن إمكانية بناء منزل في يومين عام ٢٠١٩، التصريح جاء للناس دون مقدمات أو تمهيد لمن هم في انتظار تملك منزل الاحلام!
من الجميل ان نستشهد بالتجارب العالمية في الاسكان لكن إسقاط تلك التجارب بشكل مفاجيء على الساحة قد يدخل الوزارة في حرج رغم اجتهادهم وشفافية طرحهم للميزانيات والذي يحسب لهم.
من المعروف عالميا إن الهندسة المدنية تنعكس على الهندسة الاجتماعية، وزيارة واحدة للعواصم العالمية تجعلك تفهم الثغرات الهندسية والاجتماعية الفادحة التي ترتبت على خفض تكلفة الاسكان، فالعديد من تلك المساكن تحولت لبؤر للجريمة، بجانب التباينات الاجتماعية، المواطن السعودي امتداد للمجتمع القبلي او لنقل الأسر الممتدة، لا نستطيع ان نسقط عليه قوالب اجنبية وهو الاب لأسرة لا تقل عن خمسة أفراد ما لم يعل والديه!
الأسر السعودية تفضل التواجد عادة في مناطق متقاربة، ايضا ان لا يقل المنزل عن أربع إلى ست غرف! نمط حياتنا الاجتماعي ينعكس قطعا على المساكن من حيث الموقع والتهيئة.
وعليه فأن نجاح برامج الاسكان مرهون برضا ومشاركة صاحب الشأن “معالي المواطن” فما خصصته القيادة الرشيدة يفي بهذه الاحتياجات ، مع اهمية مراعاة الجودة و الديمومة.
ماذا عن المدن العنقودية؟ والمتحلقة حول المدن، حيث يتم تهيئة المدن الصغرى حول المدن الكبرى لتشتمل على كافة سبل العيش الكريم الذي تبذل عليه قيادتنا كل المال والجهد، فبدلا من التكدس في المدن تعاد هندسة المدن والقرى من خلال منح الاراضي وتفعيل شبكات النقل، وايضا تهيئة الاسواق الضخمة “المولات” في كل تجمع سكني كي لا يضطر اهل القرى للتنقل للمدن لشراء ابسط الاحتياجات !
يوازي ذلك تفعيل التسوق الالكتروني والخدمات المساندة فتواجدك في قرية بريطانية صغيرة يجعلك لا تحتاج ان تذهب للندن مثلا! فكل ما تريده يصلك لباب منزلك ، تخطيط المدن لديهم راعى ادق التفاصيل لذلك لا تجد نفسك عالق في دهاليز الازدحام اللندني الا للمتعة والسياحة!
وحتى نضمن جودة التنفيذ اقترح ان يتم حوكمة المقاولات أو تصبح تحت مظلة الحكومة لضمان حفظ الاسعار، عدم التلاعب، او تفعيل دور البلديات ومنحهم المزيد من الصلاحيات.
مشكلة الإسكان ليست مشكلة فكر وحسب بل هي مشكلة تنفيذ، والمواطن البسيط يترقب امتلاك منزله لكن حتى اللحظة لا يرى سوى مناورات ما بين أصحاب العقارات والبنوك، واصحاب الاحتياج في ازدياد والطلب أكثر من العرض!
كل هذه المعطيات بل وأهمها التوزيع الديموغرافي الذي يتقدمه الشباب بحاجة لحل مشكلة الاسكان، لكن لن نقل في يومين سننتظر عامين من تاريخ المقال والقادم أجمل.