لا يمكن قبول استمرار العمل بآليات التثمين العقاري بوضعها الحالي، لأن صراخ المتضررين شنف الآذان بعد أن بلغ عنان السماء، جراء تباينات مستهجنة لا تخطئها العين المجردة أدت في مجملها لهضم بعض الحقوق مع سبق الإصرار والترصد، بسبب تقييمات لا تمت لواقع الحال بصلة نظير رفع تقييمي غير مبرر هو الآخر ولا يستند لمعايير منطقية يمكن قبولها أو حتى التشكيك في عدم دقتها.
وللحق فقد تفاءلنا بولادة هيئة المقيمين، ويمكن اعتبارها الخطوة الأولى في طريق التصحيح إذا ما حيدت بآلية عفا عليها الزمن، لأن المثمنين شخصيات عقارية معروفة للقاصي والداني والوصول إلى شخوص لجان التثمين ميسر وسهل رغم الأهمية البالغة لعدم معرفة المثمن خاصة من قبل المستفيد لتلافي شبهات التواصل على أقل تقدير من باب الحيطة الواجبة، فرفع تقييم عقار واحد لأي سبب كان سيؤدي لرفع أسعار منطقة عقارية كاملة والعكس صحيح، لهذا جاز لنا القول إن التقييم العقاري يجب أن يصدر من جهة حكومية ذات مصداقية عالية ولا يدخل ضمن اختصاصات تجار العقار.
تجار العقار يقيمون عقاراتهم ولهذا تتباين الأسعار وتتضارب التصورات وتتبخر الحقوق، فالحاجة أصبحت ماسة للإعلان عن هيئة تضم متخصصين في علم الاقتصاد على اعتبار العقار السلعة الأولى من حيث التداول والأهمية، ليكون الحال أفضل بكثير مما نعيشه من تخبطات.
التثمين العقاري قاعدة أساسية من قواعد السوق العقاري ولن تستقيم أسواق العقار في ظل إهمال جوانب تطوير آليات التثمين وتدوير شخوص المثمنين ومراجعة أطروحاتهم التقريرية بدقة متناهية للحيلولة دون رفع أو خفض أسعار سلعة متداولة بكثافة عبر رؤى تجهل في الغالب خطورة ارتكاب الخطأ في مجال حيوي مهم لا يقبل التأويل والتخمين.
لسنا معدمين من وجود متخصصين خارج دائرة تجارة العقار فالجامعات تعج بأساتذة وطنيين مشهود لهم بالكفاءة العالية في مجال عموم الاقتصاد لقدرتهم على تحديد الأثمان وفق معطيات الأسواق الاقتصادية بشكل عام إيمانا بأهمية الترابط بين كافة السلع من جهة وبين سوق العقار ومستقبل الحياة برمتها من جهة أخرى بما في ذلك مشاريع الخدمات المستقبلية في كل منطقة ومدينة وحي.
11 ديسمبر 2014