لا يلجأ المستثمر في دول الغرب عند شراء العقار إلى الاستثمار حباً في منطقة معينة أو لوجود معارف له، أو لأنه قد عاش طفولته فيها؛ ولكن يلاحظ في الكويت جانب كبير من العاطفة تؤثر في قرار الشراء.
كمثال، معظم من يسكنون في المناطق داخل الدائري الخامس يملكون عمارات في السالمية وحولي والشعب… إلخ. بينما من يسكن في الجهراء أو العارضية يفضل أن يشتري عقاراً استثمارياً في الرقعي أو جليب الشيوخ أو الجهراء أو الفروانية. أقصد هنا أن معايير الشراء المنطقية تختلف عن معايير الشراء عندنا.
وبالمثال يتضح المقال: يتم عرض عمارة في جليب الشيوخ، وهي من أقوى المناطق نجاحاً كاستثمار، ولكن لوجود عمالة وطبقات منخفضة الدخل تسكن بالعمارات لا يفضل البعض من يسكن في مناطق بعيدة عنها الاستثمار فيها، بينما يفضل من يسكن بالعارضية أو صباح الناصر الاستثمار فيها لوجود تأثير عاطفي، سواء للسكن السابق فيها، أو لوجود معارف وأصدقاء، تم بيع أرض في الرقعي عام 2007 بمساحة 1000م2 – 3 شوارع، المتر قارب الـ2000 دينار.
وكان السعر آنذاك مرتفعاً قياساً بالأسعار السوق، وتم الشراء نتيجة حب المشتري لمنطقة الرقعي، كذلك ما يسمى بوطة الهنود في السالمية وهي مرغوبة للسكن، ولا يفضّل البعض الاستثمار فيها لعدم ارتفاع مستوى التشطيب، أو لوجود جاليات هندية وباكستانية كبيرة فيها، بينما الواقع أن هاتين الجاليتين هما أفضل الجاليات التزاماً بالسداد بحسب قضايا الإيجارات في وزارة العدل.
مرة أخرى، لا ينفع تأثير الجانب العاطفي عند الاستثمار، بل هناك معايير أخرى تحكم قرار الشراء، كالقوة التأجيرية بالدرجة الأولى، والموقع العام، والخدمات المتوافرة… إلخ.
القطاع التجاري
على الرغم من بروز بدائل منافسة للعقار عند بعض الجهات التمويلية (ما يقارب %3 العائد السنوي على الأموال في بعض الجهات التمويلية)، فما زال العقار الاستثماري والتجاري له بريقه.
تحدثنا في السابق عن العقار الاستثماري، والحديث اليوم عن العقار التجاري الذي يغطي ما نسبته %10 – %15 من التداول العام للعقار (عام 2017 بلغ التداول 2.65 مليار دينار تقريباً).
في السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات لم يكن هناك تداول عقاري مرتفع بالقطاع التجاري، إلا في شارع فهد السالم وأجزاء من شارع سالم المبارك والفروانية.
لعلّ ارتفاع التداول بهذا القطاع له أسبابه، كارتفاع السيولة لدى الأفراد، مما ساعدهم على تنويع استثماراتهم بين الاستثماري والتجاري. تغيّر مزاج المجتمع الكويتي بفئاته إلى ارتياد المجمعات والأبراج التجارية، خصوصاً مع زيادة الرواتب، وأيضاً ارتفاع الطلب على التأجير بالمكاتب.
من ناحية أخرى، ارتفع الطلب على التأجير في مناطق جديدة، مثل أبو فطيرة والعارضية الحرفية، وكذلك الأمر بالنسبة للشويخ الصناعية والري.
لذلك، لن يتوقف الطلب على القطاع التجاري، خصوصاً للمساحات الصغيرة داخل مدينة الكويت وبعض المناطق، مثل الفحيحيل والسالمية وحولي وجليب الشيوخ، وذلك لارتفاع شريحة المتعاملين لرخص قيمة الاستثمار بين مليونين إلى ثلاثة ملايين دينار بعد ارتفاع متوسط سعر العقار الاستثماري إلى مليون دينار وفق التقارير العقارية الأخيرة.