اختلفت طباع الناس بين الستينات والسبعينات من القرن الماضي مقارنة مع السنين الأخيرة الفائتة؛ المداخيل ارتفعت، الثروات ازدادت، الرواتب تضخمت (كان الراتب لا يزيد على 150 – 300 دينار في السبعينات)، أسعار النفط مرتفعة (كانت لا تزيد على 10 – 20 دولارا للبرميل في ذلك الوقت مقارنة مع عام 2014 الذي بلغت فيه 90 دولارا تقريباً)، على إثرها أنشأت الحكومة مشاريع ضخمة من بنية تحتية وجسور ومناطق جديدة، وتوسع العمران. ومع هذا التطور قلت العروض من العقارات السكنية والاستثمارية والتجارية مقارنة مع ارتفاع عدد المواطنين (عدد سكان الكويت عام 1961 كان 320 ألف نسمة وفي عام 1985 قارب 1.7 مليون نسمة، ووفق احصائيات عام 2018 قارب العدد 4 ملايين نسمة).
حديثنا اليوم لا يشمل ثروات الناس أو ارتفاع رواتب الموظفين، بل الحديث عن التداول العقاري، الذي تغيّرت فيه القيم والمثل التي تربى عليها المجتمع الكويتي، كان التاجر يعطف على الموظف، يصبر على سداده، كما أن الموظف يلتزم بالسداد. في الثلاثينات والاربعينات كان الغواص يضطر إلى رهن وثيقة بيته عند النوخذة حتى يستطيع أن يموّل عائلته طيلة مدة غيابه في الغوص، كثير من التجار كان يعطي وثيقة البيت من دون مقابل للغواص عند عودتهم من السفر مساعدة له.
من النادر الآن ومع ازدياد ثروات التجار نرى أصنافاً منهم يشترون بيوتاً للناس المستحقين المتعففين، هذا لا يمنع من القول إن تاجراً ما قد اتصل عليّ وطلب شراء تسعة بيوت لمواطنين لم يحصلوا على الرعاية السكنية. دعوة هنا إلى التجار، كلّ على قدر استطاعته، لإنشاء صندوق أو صناديق لمساعدة المواطنين على شراء منازل. لا يقل سعر البيت حالياً عن الـ 190 ــ 200 ألف بمساحة 500م2 بمنطقة الأندلس كمثال فهل من مجيب؟
بالأرقام نتحدث
عطفاً على التقرير الذي نشره اتحاد العقاريين (المرشد العقاري) وتعليق أمين سر وسطاء العقار: ان الحديث عن وجود ما يقارب الـ 49 ألف شقة خالية قد يكون خبراً غير دقيق والسبب عدم التنسيق بين ملاك العمارات والهيئة العامة للمعلومات المدنية للتبليغ عن الشقق الخالية، بمعنى أن البيانات غير محدثة وأن الشقق الشاغرة قد لا تزيد على 30 ــ 35 ألف شقة، لافتاً الى وجود اسباب للشقق الخالية غير الاسباب المتعلقة بإنهاء عقد الوافدين أو زيادة رسوم الكهرباء والماء على القطاع الاستثماري.
بل قد تكون الهجرة المعاكسة لبعض الوافدين من القطاع الاستثماري إلى القطاع السكني عاملا مؤثرا في إخلاء كثير من الشقق الاستثمارية، بالإضافة إلى الخدمات التي تفتقدها بعض المناطق الاستثمارية.
وهنا دعوة للاتحادين المذكورين الى تبني سياسات أخرى تساعد على استقرار العقار الاستثماري الذي يعادل الاستثمار فيه %100 زيادة (إن لم يكن أكثر) عن العقار السكني بالمقارنة مع قيمة الأرض والدخل السنوي، كما لا يخفى على الجميع ارتفاع طلب السكن الخاص أكثر من العقار الاستثماري بنسبة %70 ــ %80 تقريباً (بلغ معدل التداول السكني %50 ــ %55 من التداول عام 2017 بينما بلغ التداول في العقار الاستثماري بحدود %30).
مرة أخرى دعوة للاتحادين المذكورين لدراسة اسباب الإخلاء والعمل على حلها وخير السبيل لذلك اقامة ورشات عمل أو مؤتمرات متخصصة ذات جدوى.