برغم أن وزارة الإسكان من أكثر الوزارات تلقيا لدعم الدولة تجدها أقلها تلبية لتطلعات مواطنيها، سُلمت مليارات الريالات واستلمت ملايين الكيلومترات من الأراضي، سواء من بلديات المدن أو باسترداد الصكوك المزورة، أو ما يكشف ميدانيا من تعديات على أراض حكومية وتسلم للوزارة، لعل آخرها التوجيه الملكي الأسبوع الماضي بنقل ملكية 190 مليون متر في الرياض وحدها إلى صندوق الاستثمارات العامة الذي له تحويل أجزاء منها لمشاريع سكنية وجزء أكبر لوزارة الإسكان، وسبقه إصدار نظام رسوم الأراضي البيضاء، وتطوير أراضي منح المساحات الكبيرة، وجميعها إجراءات كفيلة بخفض قيمة الأراضي في أي بلد كان، لكنها، وبفعل فاعل، لم تنخفض هنا كما ينبغي.
كمزيد من التسهيلات سارع مجلس الشورى قبل أيام بالموافقة على الإستراتيجية الوطنية للإسكان، برغم كم النواقص المشار لها ضمن الموافقة، وسارعت مؤسسة النقد بإعلان تنسيقات برنامج الرهن العقاري الميسر، فماذا تريد الوزارة أكثر، لم يصر وزيرها على مشاركة مطورين عقاريين محليين و«الربع» يغالون في شروطهم؟ إن كان الهدف التخصيص فلا بأس، من شروط الخصخصة فتح استثماراتها للكل، فلم الإصرار على التفكير داخل الصندوق؟ تجمع للوزارة كم من الأراضي يكفي لبناء مدن وهناك طلب متعاظم، إن كمنت المشكلة في التمويل فهذا العرض وهذا الطلب لا يحتاجان سوى «منظم» بين طرفين، طرف يحتاج السكن وآخر يمكنه التمويل، وهناك آلاف الشركات العالمية المتخصصة في البناء والتمويل وبشروط أكثر رحمة من بنوكنا المحلية ومطورينا المحليين.
لا إعلان ساما تسهيلات بنكية للرهن العقاري ولا تخفيض الدفعة المقدمة 15 % سيحلان الإشكالية، ولا موافقة الشورى على إستراتيجية وطنية للإسكان غير مكتملة ستحلها، ولا حتى عقود الوزارة الأخيرة مع 10 مطورين لإنشاء 50 ألف وحدة، لأن شروطها مجحفة. إن كان الهدف التخصيص فعلى الوزارة التوجه للسوق العالمي، ويمكن بقليل من التنسيق بين الوزارة وصندوقها العقاري لمن يستحق القرض أو القرض والأرض، أو غيرها من تصنيفات الوزارة المبتكرة، بل لكل راغب في الشراء، إنشاء نماذج عقود مختلفة لشركات البناء بحيث يمكنها استيفاء حقوقها سواء باستخدام الرهن العقاري المتاح داخليا، أو أن تكتب الصكوك باسمها حتى يسدد المستفيد أقساطه بشكل مريح كما يحدث في كل مدن العالم، فتوفر الوزارة ميزانيتها الكبيرة وجهازها البيروقراطي الضخم الذي لم ينتج شيئا لسنوات، وتكتفي بدور الوسيط والمشرف بين الطرفين.