موضوع الإسكان أخذ حيز كبير من اهتمامات الناس، نظرا للحاجة الماسة والمتزايدة لتوفر مساكن تتناسب مع الزيادة في أعداد طالبي السكن في المملكة. نظريا من يرى الخرائط، والقدرات المالية والفنية التي تزخر بها المملكة، يشكك في وجود أزمة سكن أو عدم توازن بين كمية الطلب والعرض. والحقيقة أن الباحث قد يصل إلى نتيجة تؤكد أن أزمة الإسكان التي نتحدث عنها، لا تتجاوز أن تكون أزمة مفتعلة ويجب ألا تحدث في بلد تتوفر له الإمكانات المساحية، والمالية، والبشرية المؤهلة لحل هذه القضية البسيطة نظريا. فمن أوجد أزمة الإسكان ومن تسبب فيها؟
للحديث عن هذه الأزمة المفتعلة يمكن الحديث عن عاملين مهمين ساهما في خلق الأزمة، وتغذيتها دون إيجاد حلول ناجعة.
العامل الثاني والذي لا يقل أهمية عن العامل الأول هو تأخر وغياب الدور التنظيمي لبعض الوزارات والجهات ذات العلاقة. فوزارة الإسكان لم توجد إلا بعد أن حدثت الأزمة، ما أدى بالقيادة الكريمة لتوفير مبالغ كبيرة لهذه الوزارة الحديثة من أجل حل أزمة الإسكان والحد من تفاقمها. لكن للأسف أن الوزارة ومنذ نشأت استخدمت قوى ناعمة في التعامل مع الأزمة، وسعت للعمل بوتيرة متريثة تتنافى والواقع الذي نعيشه، إضافة إلى عدم تعاون من كثير من الجهات الرسمية الشقيقة والتي لا يعرف حقيقة أسباب عدم تجاوبها أو تعاونها إلا أنه تخاذل وعدم تكامل من أجل خدمة الهدف الأول للحكومة وهو توفير السكن المناسب بالسعر المناسب لكافة طبقات المجتمع.
رجال الاعمال العقاريين لن يتراجعوا عن السوق المتضخم الذي أوصلونا إليه، والوزارة لا زالت تسير ببطء وتخبط في طريق الحل، ولا تعرف كيف ترضي كافة الأطراف، وقد تميل مع الطرف القوي ضد الأطراف الأقل تأثيرا.
الدولة أنفقت مبالغ طائلة وكفيلة بحل الأزمة تتجاوز مائتين وخمسين مليار ريال، والقيادة حريصة بدعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله -، ومن ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد حفظهم الله. وتظل الكرة الان في مرمي الجهات التنفيذية متمثلة في وزارة الإسكان التي يظهر انها تدور في حلقة مفرغة، مع شقيقاتها من الوزارات ذات العلاقة. كما أن تجارنا مطالبين بالوقوف من أجل الوطن لتقييم سوق العقار بقيمته العادلة والحقيقية لا بقيمته المتضخمة والتي قد تتسبب في حدوث كوارث مالية مستقبلية للأغلبية من أجل تنمية ثروات الأقلية.