أكدت دراسة قام بها أحد أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام، أن الجشع الذي يسلكه تجار العقار، من الاحتكار والتلاعب في أسعار الأراضي، يؤدي على المدى البعيد إلى انهيار الاقتصاد السعودي، ما يوجب تدخل الجهات المعنية لكبح ارتفاع الأسعار، وزيادة العرض والتطوير في هذا المجال.
وأضاف، إن قوة اقتصاد الدول تقاس بالقوة الشرائية للأفراد (الشعب)، وليس بوجود المال في جيوب بعض التجار، موضحاً أن انهيار اقتصاد كثير من الدول الصناعية، كان بسبب ضعف القوة الشرائية لأفرادها، وانحسار الأموال في أيدي فئة من بعض التجار فقط.
وبيّن أن معظم الأراضي السكنية منحتها الدولة للمواطنين مجاناً، وذلك من باب السياسة الشرعية، إذ إن ارتفاع أسعارها بهذه الطريقة يدل بوضوح على وجود تلاعب بها.
وشدد على وجود احتكار مفتعل لكثير من الأراضي السكنية، والمخططات، نظراً إلى أن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، ولا يمتلكه كثير من الناس.
ولفت إلى أن أسعار الأراضي في ارتفاع غير مبرر ولا يخضع للعرض أو الطلب، وإنما يخضع للاحتكار من فئة معينة من التجار، وكذلك هناك أشخاص متلاعبون بالأسعار من بعض ضعاف النفوس من أصحاب المكاتب العقارية.
وأشارت التوصيات التي خلص إليها الباحث، إلى وجوب خفض مقدار السعي الذي يحصل عليه «مكتب العقار» السمسار، من 2.5 في المئة إلى 1 في المئة أو أقل من ذلك بكثير، من الجهة المختصة، مؤكداً أن السبب الرئيس في رفع أسعار الأراضي، أو المنازل هو كثرة فتح هذه المكاتب، وانتشارها، نتيجة العائد المرتفع من السعي، إذ يقوم كثير من ملاك الأراضي، أو من يعمل بها، برفع الأسعار بطرق ملتوية ومصحوبة بالكذب والتدليس، ولاسيما مكاتب العقار في أطراف المدن، والتي تم افتتاحها من دون أي تراخيص، ثم يقومون بالمضاربة على بعض قطع الأراضي داخل النطاق العمراني.
وشدد على أن خفض مقدار السعي يحد من هذه المشكلة، وذلك بإغلاق بعض هذه المكاتب والحد من انتشارها، لافتاً إلى أنه كان من المفترض أن تخفض الجهة المختصة هذا المبلغ، عندما ارتفعت أسعار الأراضي ارتفاعاً هائلاً وضعفت القوة الشرائية للأفراد، مبيناً أن هذا المبلغ في مقابل سمسرة شرائية وليس زكاة شرعية.
وتضمنت التوصيات أيضاً وجوب المبادرة بسن الأنظمة المرعية، والتي تعاقب من يقوم باحتكار الأراضي السكنية، لأجل رفع أسعارها، والتشهير بهم عبر وسائل الإعلام المختلفة، إذ إن الاحتكار في الأراضي السكنية أصبح يمارس علناً.
وأوصى بتسعير الأراضي السكنية، للمصلحة العامة والتي تدعو إليها الضرورة العامة، والحاجة الخاصة النازلة بأفراد المجتمع، وذلك بسعر عادل يقدره أهل الخبرة، إضافة إلى معاقبة مخالفين التسعير، وإن وجدت صعوبة في تسعير كثير من الأراضي، فإن التسعير في المخططات الجديدة غاية في السهولة واليسر، ما يؤثر إيجاباً في أسعار الأراضي التي لم تسعر.
وأوصى أيضاً بالمبادرة بسن الأنظمة التي تمنع بيع الأراضي السكنية، أو الزراعية التي تمنحها الدولة للمواطنين مجاناً، إذ إن هذه الأراضي تتم المضاربة عليها من تجار العقار لرفع أسعارها، أو احتكارها، وبالتالي يصيب الارتفاع كل المنطقة.
وشدد على ضرورة توفير الجهة المعنية في وزارة الشؤون البلدية والقروية، المخططات السكنية المتكاملة الخدمات، لكبح الارتفاع غير المبرر لأسعار الأراضي السكنية، وإشراك عدد من الشركات العقارية المساهمة في ذلك، كي لا يكون هناك احتكار أو تواطؤ على رفع الأسعار.
وذهب إلى ضرورة النظر في استعادة المساحات الشاسعة من الأراضي التي منحت من الجهات المختصة لأحد الأفراد على أنها زراعية، فتركها حتى وصلها البنيان فتحولت إلى سكنية.