تنويع الاستثمارات العقارية في لندن أبرز طرق المستثمرون حالياً

أكد ضياء نوفل الشريك التنفيذي ومدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال افريقيا في نايت فرانك في تصريحات صحفية له أن المستثمرون حول العالم يسعوا لتنويع استثماراتهم العقارية، وبخاصة في فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، وفي حين توفر لندن الفرصة لزيادة رأس المال مع ارتفاع مستمر في أسعار العقارات السكنية، يشكل انخفاض الأسعار في سوق دبي وارتفاع العائدات الإيجارية فرصة مميزة لدخل مستمر لا تقل أهميّة عن سابقتها.

وقال نوفل: لطالما اعتُبرت العقارات في لندن استثماراً قوياً ومكمّلاً للمحافظ الاستثمارية العقارية لمستثمري المنطقة وخصوصاً في أوقات الأزمات الاقتصادية. فخلال الرحلة الاستثنائية التي خاضها سوق العقارات في دبي من ازدهار ثم هبوط ومن ثم تعافٍ خلال العقد المنصرم، كان سوق لندن العقاري طوال الوقت الملاذ الآمن للباحثين عن نمو رأس المال، حيث ازدادت نسبة المشترين الشرق أوسطيين للعقارات الفاخرة في لندن من 11% إلى 16% في النصف الأول من عام 2015 ليحلوا في المرتبة الثانية بعد البريطانيين أنفسهم.

وأضاف : كان البريطانيون من أكبر المستثمرين في سوق دبي متخطّين بذلك الكثير من الجنسيّات الأخرى. ففي النصف الأول من عام 2015 بلغت نسبة الاستثمارات البريطانية في دبي 9% من مجمل حجم التعاملات الكليّة وحلت في المرتبة الثانية بعد حصة الهند بين المستثمرين من خارج دول الخليج العربي. ومما لا شك فيه أن علاقة التبادل الاستثماري بين لندن ودبي أثبتت صلابتها في كلا الاتجاهين، ويسعى معظم مشتري العقارات في دبي من البريطانيين لزيادة رأس المال كهدف أساسي واستخدامها كمسكن أساسي أو ثانوي كهدف ثانٍ، يشتري الكثير من مواطني الخليج العقارات في لندن لاستخدامها كمساكن لهم أو لأبنائهم أو زوجاتهم للإقامة فيها أثناء فترة تحصيلهم العلمي أو بغرض قضاء العطلات في بريطانيا.

وتابع : على مدى الأشهر القليلة السابقة يرزح السوق العالمي تحت ضغط متزايد نابع من التدهور المتواصل في أسعار النفط مترافقاً مع التذبذب في قيمة عدد من العملات حول العالم وانعدام الاستقرار السياسي في الكثير من الدول، فأصبح من البديهي أن يبحث المستثمرون العقاريون في لندن ودبي على حدٍ سواء عن أكثر الطرق ضماناً لتأمين دخل مستقر. فمقياس القيمة العقارية بالنسبة لهم تغير بسبب التحسن الملحوظ في سوق إيجارات القطاع السكني والذي ازدادت أهميّته كأحد أهم أنواع تحصيل العوائد الاستثمارية في الفترة الأخيرة، ومن المعروف في مراكز النشاط الاقتصادي التي تعجّ بالعمالة والوظائف مثل دبي ولندن، أن معظم العمال والموظفين لا قدرة لهم بتملك مسكن خاص بهم، وبتوفّر قدر معين من سهولة تنقل القوى العاملة وتوفر البنية الملائمة لذلك يرتفع الطلب على إيجارات العقارات بشكل متنام وينشط طلب المستثمرين لشراء عقارات إيجارية. وفي دبي خاصة، لاتزال العائدات الإيجارية في نمو حيث انخفضت اسعار العقارات بشكل أسرع بكثير من انخفاض قيمة الإيجارات، فقد شهدت دبي انخفاضاً بنسبة 12,2 % من أسعار المساكن خلال 12 شهراً حتى يونيو 2015 بينما انخفض معدل الإيجارات في نفس الفترة بنسبة 1,2% فقط، وكنتيجة أولية للعلاقة بين سعر المسكن وقيمته الايجارية، ازداد معدل العائد الاستثماري الإيجاري الأولي لعقارات دبي السكنية بنسبة 9,9% على مدى سنة كاملة لتصل 7,42% في يوليو 2015 وهو معدل عالٍ مقارنة مع أسواق أخرى آمنة نسبياً جيدة للمستثمرين الساعين لزيادة الدخل كلندن على سبيل المثال.

وأوضح نوفل أنه بالنظر إلى السوق البريطانية ما بين يناير 2009 ويونيو 2015 شهد مؤشر أسعار العقارات في لندن ارتفاعاً بما يقارب 71% مما يؤكد على مكانة المدينة كملاذ آمن لمستثمري رأس المال بعد الأزمة المالية العالمية. إلا أنّ انخفاض الطلب مؤخراً أدى إلى تراجع نمو أسعار المبيعات ليصل إلى معدل 4% على أساس سنوي في يونيو 2015، بينما ازداد معدل الإيجارات في العاصمة البريطانية بنسبة 3,8% سنوياً حتى يونيو 2015، وكقاعدة نمطية يتفوق معدل العائد الاستثماري الايجاري للمساكن العادية على مثيله للمساكن الفاخرة وغالباً ما يكون ذلك بسبب الارتفاع النسبي لأسعار العقارات الفاخرة. حققت العقارات العادية عائداً ايجاريّاً قدره بين 4% و 4.5% في لندن في يونبو 2015 بينما سجلت عائدات القطاع الفاخر معدل 2.59% مما دفع مستثمري العقارات الفاخرة باتجاه سوق المناطق المحيطة بلندن وأبعد من ذلك إلى مراكز المقاطعات الأخرى كبرمنجهام وبريستول ومانشستر حيث تعطي الاستثمارات العقارية عائدات إيجارية أفضل.

مشيراً إلى أن الارتفاع المتواصل للإيجارات السكنية يخلق فرصاً واضحة للمستثمرين وبخاصة حين تبلغ الأسعار مستوىً مقبولاً. ومقارنة مع متوالية الصدمات التي تلقتها مبيعات العقارات في دبي في الأشهر القليلة السابقة بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي وتدهور أسعار النفط وتدخل الحكومة لكبح جماح المضاربات، فمن الإنصاف بمكان الإقرار بأن سوق إيجارات دبي أظهر مرونة أكبر من سوق المبيعات العقارية، والمستثمر الذكي الباحث عن عائد إيجاري مستقر، من المهم معرفة ما يبحث عنه المستأجر لاتخاذ قرار الاستثمار الصحيح، ومن البديهي بالطبع أن يكون الموقع والمساحة والمميزات ووسائل الراحة هي العوامل التي تحدد قيمة العقار وعائداته الاستثمارية ولكن يبقى الموقع وسهولة الوصول إليه العامل الرئيسي في تمييز الأسواق الجزئية المختلفة داخل المدينة ذاتها، وكذلك مستوى النضوج العقاري في المنطقة من حيث تنوع القاطنين واستمرارية الطلب ونموه. وتبقى عقارات مرسى دبي (دبي مارينا) كمثال على الأصول الأكثر طلباً من قبل المستثمرين ببنائها الفاخر ووسائل الراحة المتوفرة فيها وسهولة الحركة من وإليها، مما ينعكس إيجاباً على الطلب على الإيجارات السكنية هنا بما يفوق متوسط ارتفاع الطلب في السوق.

لافتاً إلى انه إذا استمرت العائدات في ارتفاعها في دبي، فمن المتوقع أن يعود هذا على تحسن حجم شراء العقارات في المستقبل من قبل مستثمري الشراء بغرض التأجير أو الشراء بغرض السكن، وربما بدرجة الأهمية ذاتها من قبل قطاع الاستثمار المؤسساتي والذي يتطور بشكل تدريجي. فمن شأن كل ذلك مساعدة السوق في استعادة زخمه في المستقبل القريب، وستبقى نظرة المستثمرين إلى لندن على أنها ملاذ الاستثمار الآمن، خصوصاً من قبل مستثمري الشرق الأوسط حيث يعتبرون لندن موطنهم البعيد للدراسة أو الإجازة، ولكن انخفاض العائدات في لندن وارتفاع الأسعار بشكل غير متوازن من شأنه دفع المستثمرين باتجاه أطراف لندن أو إلى المدن الإقليمية حيث تتوافر فرصة الاستثمار البديل المربح، أو حتى إلى أبعد من ذلك، إلى مدن عالمية تتمتع بتواصل قوي مع العالم وتعد بالمزيد من النمو والاستقرار، دبي كمثال لذلك.