الاقسام: عقار

لماذا أوصى صندوق النقد برسوم الأراضي..؟

أصدر المديرون التنفيذيون أعضاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بيانهم حول مشاورات المادة الرابعة بشأن الاقتصاد السعودي، حيث أشادوا بأداء الاقتصاد وبدور المملكة باستقرار أسواق النفط وبما أن هذه المشاورات تأتي بوقت يشهد سعر النفط انخفاضاً منذ أشهر بنسب فاقت 50 % فإنهم ركزوا توصياتهم على طرق مواجهة هذا التراجع الحاد الذي يؤثر سلباً على الإيرادات للخزينة العامة والذي سينعكس بالتأكيد بتحقيق عجز كبير بالموازنة العامة للعام الحالي 2015 م مع استمرار ارتفاع وتيرة الانفاق العام وكذلك في حال استمر الانفاق مرتفعا والنفط منخفضاً مع بقائه الإيراد الرئيسي للخزينة فإن العجز سيستمر لأعوام قادمة حتى لو بنسب قليلة.

وقدم الصندوق جملة من التوصيات تهدف لإصلاح المالية العامة فقد أوصى بإعادة النظر بتحفيز الوقود والطاقة وكذلك أحكام السيطرة على أجور القطاع العام وهذا يفهم منه تقليل التوظيف وتركيزه بالأولويات وهيكلة القطاع العام والخصخصة كتحليل أولي بينما ذهبت التوصيات أيضاً إلى رفع كفاءة القطاع العام واستحداث وسائل ترفع الإيرادات الأخرى كفرض ضريبة القيمة المضافة إلا أن الملفت ذكرهم لتوصية (فرض رسوم على الأراضي البيضاء) وهي ما تستحق الوقوف عندها فبقية التوصيات ليست جديدة بل أنها طرحت كحلول أو حتى إجراءات قد ينظر بها من قبل مسؤولين معنيين بالشأن الاقتصادي وفي أكثر من مناسبة بل ذكر بعضها بخطة التنمية العاشرة.

وبالعودة لتوصية فرض رسوم على الأراضي البيضاء فإن ما يفهم منها بأن لها تأثير كبير بجوانب عديدة فمن وجهة نظر توصية الصندوق فهو يشير إلى أنها ستحقق إيرادات كبيرة عند تطبيقها بمعايير ذات كفاءة عالية فعلى سبيل المثال تشير بعض البيانات بأن المدن الكبرى بالمملكة (الرياض مكة جدة المدينة والدمام والخبر) تبلغ نسبة الأراضي البيضاء فيها حوالي 50 بالمئة بالمتوسط من نطاقها العمراني والمساحات البيضاء تصل إلى أكثر من 3700 كم مربع أي أكثر من 3.7 مليارات متر وبقسمتها على 500م متوسط القطع في حال تخطيطها على هذا الأساس فإنه يمكن توفير 7.4 ملايين قطعة للاستخدام السكني كإفتراض أي يمكن أن يستفيد منها 7.4 ملايين أسرة وهو ما يفوق عدد الأسر الحالي بأكثر من 30 بالمئة أي أنه بالحقيقة مشكلة الإسكان الجزء الأكبر منها هو احتكار الأراضي أو عدم وجود إجراءات تنظيمية وتحفيزية لتحويل هذه الأراضي لمنتجات سكنية مما ضخم من قيمتها وفاقم مشكلة ملف الإسكان.

فرسوم الأراضي في حال كان متوسط ما سيفرض عليها رسوم لعشر سنوات عند 4 مليارات متر وبمتوسط حوالي 40 ريال حيث إن المقترحات التي صرح بها نائب وزير الإسكان سابقاً تدور حول فرضها بحسب قرب الأرض من مركز المدينة بحيث تكون بأعلى حد 120 ريال على المتر وأقل رسم 10 ريالات للمتر فإن ذلك سيعادل حوالي 11 دولارا وهذا يعني إيرادات قد تصل إلى 160 مليار ريال سنوياً واذا قسمنا هذا الرقم على عدد البراميل المصدرة من النفط فان ذلك يعادل تعويض حوالي 14 دولاراً من تراجع أسعار النفط الحالي من مستويات فوق 100 دولار إلى قرابة 50 دولاراً على افتراض أن متوسط التصدير حوالي 7.5 ملايين برميل يومياً ورغم أنها حسابات افتراضية إلى أنها توضح تأثير فرض رسوم الأراضي حتى لو كانت على حجم كلي للمساحات أقل لذلك رأى صندوق النقد أهميتها وذكرها من بين توصياته لما لها من أثر كبير برفع الإيرادات العامة.

أما الجانب الأهم برأيي فهو تأثير تحريك هذه الاراضي على التنمية بالاقتصاد فانعكاساته ستكون إيجابية بتأثيرات قد تفوق حجم الرسوم المحصلة من حيث تنشيط القطاع الخاص بعيداً عن دور الانفاق الحكومي الذي بالتأكيد لن يستمر كما حدث بالسنوات الماضية لعوامل كثيرة لا ترتبط فقط بتراجع إيرادات النفط بل بضرورة توزيع الانفاق على المشاريع لسنوات أطول وكذلك اعتماد الكثير من المشاريع المهمة سابقاً وانتهاء تنفيذ جزء مهم منها فالأراضي عند تحويلها لمنتج سكني أو تجاري فإنه سيتم تشغيل قطاعات عديدة كالتمويل والمقاولات وصناعة مواد البناء واستيرادها والأثاث والخدمات كالتسويق… إلخ مما سيساعد على ضخ استثمارات كبيرة وتوليد فرص عمل ضخمة وحل لمشكلة السكن لتصبح حلاً اقتصادياً يساهم باستمرار قوة النمو الاقتصادي وحلول للعديد من الملفات الاقتصادية المهمة سواء البطالة أو التضخم أو زيادة توطين الأموال والاستثمارات.

توصية الصندوق بفرض رسوم الأراضي تشير بوضوح إلى أهمية هذا الإجراء ودوره بتعزيز وتنويع الإيرادات وإيضاح لا يقبل الشك بأن حجم الأراضي البيضاء المعطلة للتنمية كبير وأن الرسوم كتوصية منفصلة يراها الصندوق الدولي تماثل بأهميتها بقية الإصلاحات بالمالية العامة والاقتصاد الوطني أي أنها أحد الحلول الرئيسية التي يرى أنها ستساعد بمواجهة تحديات تراجع أسعار النفط الحالي والمستقبلي إذا استمر حتى يحافظ الاقتصاد على زخمه بالنمو وتتنوع مصادر الإيرادات وتبقى الاحتياطيات الرسمية بمستوى كبير لإضافة قوة أكبر للاقتصاد بالمستقبل.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 20 أغسطس 2015 4:17 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020