بناء

حسين الرقيب: أرقام ميزانية الدولة لماذا لم تنعكس إيجابياً على أرباح الشركات؟

حسين الرقيب

عندما أعلنت الدولة أرقام ميزانيتها التقديرية للعام 2019 والتي كانت أرقاماً ضخمة وتاريخية وخصوصاً تلك الأموال التي تم تخصيصها للأنفاق على المشروعات الرأسمالية، كانت الآمال معقودة على الشركات بعودة النمو في نتائج أعمالها وتحقيق أرباح جيدة خلال العام المالي 2019 وخصوصاً تلك الشركات التي تعتمد بشكل رئيس على زيادة النمو في عدد المشروعات ولكن عندما نشرت الشركات نتائجها المالية عن الربع الأول صُدم المستثمرون بنتائج لم تكن جيدة وحصل ضعف في نمو معظم القطاعات حيث شهد الربع الأول تراجعاً في صافي الأرباح المجمعة تجاوز الـ 9 % وزيادة في عدد الشركات الخاسرة من 45 شركة في العام الماضي إلى 49 شركة العام الحالي وتأخر إعلان بعض الشركات نتائجها المالية عن الموعد المحدد ربما بسبب زيادة كبيرة في الخسائر ومحاولاتها إيجاد حلول قبل الإعلان وكذلك زادت الخسائر المتراكمة لبعض الشركات واضطر بعض منها إلى إجراءات قاسية من أجل الاستمرارية بخفض أو زيادة رؤوس الأموال ولولا الأرباح العالية التي حققتها البنوك لكانت النتائج أكثر سوءاً، إذاً ما الأسباب الحقيقة وراء هذا التراجع؟

الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير جداً على الإنفاق الحكومي وما زال كذلك رغم توجه الدولة في رؤيتها 2030 إلى تغيير شامل بتحويل القطاع الخاص من قطاع ريعي يعتمد بشكل مباشر على الدعم الحكومي إلى قطاع منتج يدعم الاقتصاد المحلي ويساهم في تنمية الإيرادات الحكومية ويخفف من اعتماد الدولة على النفط كمصدر أساسي للدخل وبلا شك أن هذه الاستراتيجية تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها عبر تحسين البيئة الاستثمارية وتعديل الأنظمة والتشريعات والتي بدأت الحكومة بالفعل في تنفيذها وإعادة هيكلة الاقتصاد ولذلك لاحظنا في بداية الأزمة الاقتصادية كان التأثير قوي جداً على إيرادات الدولة وزيادة كبيرة في العجز المالي وفي المقابل كان تأثر القطاع الخاص من الأزمة محدود ولم يظهر التأثر الفعلي إلا في بداية العام 2017 مع الإصلاحات الاقتصادية والمالية واستمر التأثير خلال السنوات التالية وما ساعد من تخفيف تراجع أرباح الشركات المدرجة في السوق السعودية هي البنوك التي استفادت من رفع معدلات الفائدة والشركات البتروكيميائية التي استفادت من ارتفاع أسعار منتجاتها خلال العام الماضي مع عودة الارتفاع في أسعار النفط، غير ذلك فإن الشركات الأخرى عانت كثيراً وخصوصاً التي تعتمد على الإنفاق الحكومي الرأسمالي، الربع الأول من هذا العام نمت الإيرادات الحكومية بحوالي 48 % والإنفاق الحكومي نما بحدود 8 % وبالرغم من هذا النمو إلا أن حجم الإنفاق لم يمثل إلا حوالي 20 % من أرقام الإنفاق المعتمدة في الميزانية وهذا يفسر لنا عدم تعافي إيرادات الشركات، وهذا يحصل غالباً في الربع الأول من كل عام وخصوصاً الإنفاق على المشروعات حيث إنه في الربع الأول غالباً تتم عملية ترسية المناقصات الحكومية والبدء في تنفيذ المشروعات ولكن الصرف المالي يتم بدءاً من الربع الثاني ويزداد خلال الربعين الأخيرين ولذلك متوقع خلال الربع الثاني أن تحقق الشركات نمواً في مبيعاتها وزيادة في أرباحها.

مبيعات شركات الإسمنت خلال الربع الأول تراجعت بحدود 8 % ومع ذلك حققت نتائج إيجابية وعادت للنمو في الأرباح رغم ضعف الطلب على مادة الإسمنت ويعود السبب في ذلك إلى توقف حرب الأسعار بين الشركات والتزامهم بسعر محدد يضمن عدم دخول الشركات في دائرة الخسائر وتكون المنافسة على زيادة المبيعات من خلال القدرة الجيدة على التسويق بعيداً عن حرب الأسعار، ولذلك نتوقع مع زيادة الإنفاق الحكومي أن تتحسن أرقام المبيعات لشركات الإسمنت وأعتقد أن الفترة الأسوأ قد مضت. قطاع البتروكيميائيات سوف تتحسن نتائجه خلال الربع الثاني مع عودة أسعار النفط إلى الارتفاع ويبقي التحدي الأهم أمامه هي الأحداث الجيوسياسية في المنطقة وكذلك الحروب التجارية بين الدول الصناعية والتي قد تؤثر على معدلات نمو الاقتصاد العالمي وضعف الطلب على المنتجات البتروكيميائية، القطاع البنكي الرابح الأكبر خلال الربع الأول والتي تجاوزت حصته من أرباح السوق السعودية إلى أكثر من 60 % من المتوقع أن يستمر على الأقل في الربع الثاني من تحقيق أرقام قياسية في الأرباح وظهرت ملامح تلك الزيادة من خلال الأرباح التي تحققت في شهر أبريل حسب نشرة ساما ولكن هنالك مؤشرات على خفض الفائدة على الدولار بحوالي 50 نقطة أساس في الاجتماع القادم للفيدرالي وإن تم ذلك سوف يؤثر سلباً على القطاع البنكي ولكنه في المقابل سوف يكون إيجابياً على بقية الشركات وخصوصاً تلك التي لديها قروض بنكية كبيرة، أما قطاع الاتصالات فقد أظهر عودة النمو في عدد الاشتراكات وكذلك الطلب المتزايد على البيانات والتي سوف تسهم في زيادة الإيرادات والأرباح الصافية مع خفض الحكومة للحصة المستقطعة لصالحها من 15 % إلى 10 %، قطاع التأمين ما زال هو القطاع الذي لا يمكن التنبؤ بنتائجه في ظل كثرة الشركات وضعف رؤوس أموالها وعدم قدرتها على تحمل مخاطر السوق وإن لم يشهد القطاع اندماجات كبيرة فإن الضعف الحالي في نتائج أعماله سوف يستمر، قطاع التطوير العقاري تأثر هو الآخر من ضعف النمو في القطاع الخاص وتراجع الإيرادات من التأجير سواء من تراجع نسب الإشغال أو من خلال الخفض في القيمة الإيجارية، القطاعات الأخرى والتي تعتمد على صناعة مواد البناء سوف تشهد بالتأكيد عودة للنتائج الإيجابية مع النصف الثاني من العام الحالي وتستمر في الزيادة خلال السنوات القادمة مع بدء المشروعات الكبرى التي تعتزم الحكومة تنفيذها في نيوم والبحر الأحمر والقدية وغيرها.

المرحلة القادمة تحتاج من مجالس إدارات الشركات إلى تبني استراتيجيات تتوافق مع الرؤية وتعظيم رؤوس الأموال لشركاتهم لمواجهة التحديات والقدرة على المنافسة وكذلك تبني سياسة الاندماجات مع الشركات الأخرى لتكوين كيانات قوية وخفض التكاليف وزيادة القدرة التنافسية وتنويع المنتجات والخدمات والاستفادة من المزايا النسبية لكل شركة وخصوصاً مع السماح لدخول الشركات الأجنبية ومنافستها القوية للشركات المحلية.

المصدر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020