عقار

المدن الذكية .. احتواء الهجرة

منذ عقود لم تعد مشكلة الكثافة السكانية المتزايدة في المدن حكرا على البلدان النامية أو الناشئة، في الواقع حتى الدول المتقدمة تعيش أزمة هذه الكثافة لأسباب عديدة، أهمها، أن الإنسان يرغب عادة في العيش في أفضل بيئة توفر له الراحة. وعلى الرغم من تشجيع الحكومات في كل البلدان لسكان الأرياف على البقاء في مناطقهم عن طريق دعم إنتاجهم الزراعي، وتقديم تسهيلات تجارية تشمل حتى التصدير إلى دول أخرى، إلا أن ذلك لم يوقف تدفق الناس إلى المدن، ما زاد من الضغط على البنى التحتية، بل إن بعض الدول تعلن رسميا عن الخسائر السنوية للاقتصادات الوطنية جراء هذا التحول الخطير.

ففي البلدان المتقدمة يحسب عادة الازدحام المروري ضمن الخسائر، وتتسبب الكثافة السكانية المتصاعدة في ازدحامات باتت تشكل الصورة الثابتة للمشهد العام هنا وهناك.
لم يعد الاستثمار في البنى التحية حلا دائما لهذه الأزمة المتصاعدة، الأمر الذي دفع إلى ابتكار ما يسمى بـ “المدن الذكية”، وبات هذا قطاعا متزايد الحجم في غير بلد ضمن الدول المتقدمة أو الناشئة.

في الكرة الأرضية اليوم يعيش 55 في المائة من السكان في المدن أو حولها من إجمالي عدد سكان الكوكب كله! وهذا العدد، كما أشرنا، في تزايد مستمر.

ومن هنا، فإن التوقعات الأخيرة بوصول سوق المدن الذكية إلى 1.6 تريليون دولار بحلول عام 2020، تبدو منطقية، خصوصًا بعد أن فشلت كل العلاجات السابقة أو على الأقل لم تحقق النتائج المرجوة منها. علما أن هذه المدن تحتاج بالطبع إلى بنى تحتية جديدة أو مختلفة عن تلك التقليدية المعروفة.
ويرى البعض أن المدن الذكية هي بمنزلة وصفة سحرية لتنامي الكثافة السكانية بشكل عام، ولا سيما في المدن وحولها، خصوصا مع وجود تقديرات تتحدث عن وصول سكان المدن إلى ما يزيد على 70 في المائة من إجمالي سكان الكوكب بحلول عام 2050. وهي، كما هو واضح، نسبة مخيفة بالفعل. والأرقام لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشير إلى أن الاستهلاك الإجمالي في المناطق الحضرية سينمو إلى 23 تريليون دولار بحلول عام 2030 وهو رقم هائل للغاية.

والمشكلة هنا لا تكمن في إسكان هؤلاء البشر فقط، بل في القضاء على الفقر أيضًا، ولا سيما أن النسبة الأكبر من هؤلاء السكان الجدد، تنتمي عمليا إلى الطبقة الفقيرة، ما يجعل مسألة المدن الذكية أمرا أكثر من ضروري.
غير أن هذا النوع من المدن يحتاج بالطبع إلى مزيد من الاستثمارات التي قدرت بنحو 71 و87 تريليون دولار خلال العقد المقبل. وهنا يأتي الحراك من كل الجهات، سواء على صعيد القطاع العام أو الخاص.

ويبدو واضحًا أن الحكومات مستعدة للمضي قدما في تأسيس حراك المدن الذكية، غير أنها لا تريد في الوقت نفسه أن تتحمل كامل المسؤولية في عمليات البناء والتشغيل والإسكان وغير ذلك، وهذا أيضا أمر مفهوم في بلدان متقدمة تعتمد أساسا على القطاع الخاص حتى في الخدمات التي اعتادت الدولة تقديمها للسكان.

المدن الذكية، لا توفر الإسكان فحسب، بل تقدم الخدمات كلها بالصيغة الرقمية التي أثبتت أنها أيضا تسهم في الترشيد الاستهلاكي في كل الخدمات.
لكن ذلك يحتاج بالطبع إلى بنية تحتية وثقافة جديدة لدى غالبية المجتمعات التي تسعى لأن تدخل نطاق المدن الذكية، وهو أمر يتطلب وقتا وإنفاقا أيضا، ناهيك عن أن مثل هذه المدن سيكون لديها جانب سلبي إذا ما نجحت بالفعل، يتعلق بتكريس الهجرة الريفية إلى المدن وحولها، ولا سيما مع توافر خدمات جيدة ومتطورة وربما تكون رخيصة في المستقبل.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 22 أبريل 2017 12:03 م

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020