أتابع منذ فترة أطروحات زميلي المبدع عبد الحميد العمري، التي يصر فيها على أن سوق العقار آيل للسقوط بين لحظة وأختها. هذه النظرية كنت قد تبنيتها في مقتبل حياتي الوظيفية حينما كانت “المعزبة” تلح عليّ لشراء أرض لـ “بيت العمر”، لكنني كنت أتحجج بارتفاع الأسعار المبالغ فيه، الذي لا بد أن ينحسر يوما.
دارت السنون، وأسعار العقارات ترتفع والاستثمارات الأخرى تتهاوى. حتى جاءت المصيدة الكبرى التي كبّلت كثيرين ومنهم محدثكم، الذين توقعوا استمرار ارتفاع أسعار الأسهم، فصدموا عندما انهارت الأسعار بشكل مفاجئ عام 2006 ثم مرة أخرى عام 2009 ثم ثالثة ورابعة. بقي صاحبكم ومن على شاكلته ينتظرون تلك الفرصة التي ينفذ منها إلى أرض تلم شمل أسرته، إلى أن مللت الانتظار فاشتريت بالسعر الذي حدده صاحب العقار دون سؤال.
بقي مستثمرو العقار محافظين على زخم سوقهم بكل الوسائل المتاحة.. خصوصا فئة “المستثمر السريع” وهم المطورون الذين يشترون الأرض ويجهزونها كمخططات ويبادرون لبيعها بأرباح عالية، كما استمر المستثمرون المعلقون في الأسهم يتباشرون بفورة مقبلة، لكنها لم تأت.
يعود الحديث اليوم عن فورة أخرى للعقار مع التوجه الجديد لوزارة الإسكان وهي تشرك القطاع الخاص في الاستثمار والبناء وتحويل الأراضي البيضاء إلى مخططات وبنائها وتقديمها للمقترضين. إن صحت توقعات من قرأت لهم أخيرا، فنحن على موعد مع تعافي قوي للسوق العقارية التي يتوقع أن يرتفع الطلب على مكوناتها المختلفة من 50 إلى 70 في المائة.
يبدو أن السوق بدأت تستجيب لهذا التوجه ففي صفقات شهر رجب العقارية ارتفعت قيمة التعاملات من 40 مليار ريال خلال عام 1435هـ إلى 47 مليار ريال بزيادة نسبتها 17 في المائة. وبارتفاع نسبته تقارب 100 في المائة عن شهر جمادى الآخرة الذي لم يتجاوز إجمالي قيمة الصفقات فيه 24 مليار ريال.
السؤال المهم الآن، هو: هل ستستمر هذه الارتفاعات خلال الأشهر المقبلة؟ أتوقع أن تتأثر السوق بعنصرين مهمين: الأول هو استمرار وزارة الإسكان في توجهها الذي يرمي لتقديم المنتجات العقارية الملائمة للمواطن بكل الوسائل المتاحة وبأسرع وقت، وهذا سيرفع الأسعار، أما العنصر الحامي فسيكون تنفيذ قرار الرسوم على الأراضي البيضاء الذي سيوازن ويحد من ذلك الارتفاع.