تقوم وزارة العدل بعمل جيد في رصد حركة البيع والشراء للعقارات في المملكة ونشرها للمجتمع من خلال المؤشر العقاري في الموقع الرسمي للوزارة على الانترنت وهذه الخطوة التي بدأت منذ حوالي خمسة سنوات تكاد تكون فيها السعودية من الدول القليلة التي تقوم بنشر المعلومات المتعلقة بإفراغ العقارات وبتحديث شبه يومي.
وإن كنت عزيزي القارى مشتري أو بائع أو متخصص في دراسة السوق.. وتصفحت المؤشر فسوف تصطدم بعدة معوقات ولن تستطيع أن تبني قرارك بشكل كامل و واضح إستنادا على نتائج البحث في المؤشر للأسباب التالي:
أولاً : المؤشر يتعامل مع كثير من العقارات المفرغة على أساس أنها أراضي فقط وليست مبنية مما يجعل نسبة الصفقات للأراضي مقارنة بالمنازل بجميع أنواعها (فيلا، شقة، عمارة، بيت) تكون مرتفعة جداً وفي بعض الاحيان تكون دليل على مضاربات ضارة أو وهمية للأراضي وعلى سبيل المثال في الشهر الماضي (جماد الأول) في مدينة الرياض تم افراغ 3,852 قطعة أرض سكنية مقابل 534 منزل.. أي أن المنازل تمثل أقل من 14% من حجم الصفقات مقارنة بالأراضي، وفي مدينة الخبر لم تزد عن 10% وأخيرا في مدينة جدة تصل النسبة إلى 41% وقد تكون الأخيرة هي نسبة مثالية نوعاً ما، ولكن إذا ما تم فحص “مؤشر تفاصيل الصفقات” والذي يوضح رقم العقار ورقم المخطط والوقوف على هذه العقارات ستجد أن بعض العقارات الموجودة في خانة الأراضي هي منازل مبنية وليست أراضي!
ثانياً: تقسيم الأحياء لايعتمد على المسميات الحديثه للاحياء فبعض المدن تجد من ضمن قائمة الأحياء أسماء قديمة غير مستخدمه والبعض الآخر توصيف لموقع العقار، وعلى سبيل المثال اذا ما قمت بالبحث في الأحياء الموجودة في مدينة الرياض سوف تجد من ضمن الأحياء ( شرق طريق صلبوخ، جنوب المعارض، شرق الملز) ومن الامثلة أيضاً في مدينة جدة وفي نفس خانة الأحياء ( أبحر الجنوبية غرب طريق المدينة، البوادي على يمين الصاعد إلى المدينة، الكيلو الخامس عشر طريق المدينة المنورة شرق مصنع الأسمنت) بالمناسبة مصنع الأسمنت هو أحد معالم مدينة جدة التي أزيلت قبل حوالي 30 سنة!! وهناك العديد من الأمثلة أيضاً على أحياء مكررة وبعضها بأخطاء إملائية وفي جميع المدن مثل حي (الزهرة، الزهره، الزهراء) أو (الجزيرة، الجزيره) وكثير من هذه المسميات المتضاربة تجعل من الصعب دراسة حركة الأسعار في منطقة معينة لأن نتائج البحث سوف تكون ناقصة وغير واضحة.
ثالثاً: عدد ليس بسيطاً من هذه الإفراغات يتم تصنيفها تحت بند (بدون مخطط) أي لا يمكن تحديد موقعها أو تفاصيلها.
رابعاً: وهي أهم نقطة أن المؤشر هو أساس ليس بمؤشر فهو ليس إلا رصد للتداولات العقارية.. وكما يرى الاقتصادي الدكتور فهد الحويماني بأن “المؤشر العقاري لا توجد فائدة علمية ولا عملية له، ولا يمكن اتخاذ قرارات عقارية بناء عليه، وهي لا تندرج تحت ما يسمى في العرف الاقتصادي مؤشرا.. فهو نشرة أسبوعية لعدد الصفقات العقارية ومساحتها وقيمها”
حيث أن سوق العقارات لايوجد له حجم محدد ومعروف وليس مقيماً بنقاط لكي يتم قياس التغير فيه بشكل صحيح، فقد يكون حجم التداولات في فترة ما منخفضة إذا ما تم مقارنتها بفترة أخرى عليه سوف يرى البعض أنه إنخفاض في اداء سوق العقارات في الوقت الذي قد يكون ذلك ارتفاع في أداء السوق اذا ما تم مقارنته بعدد العقارات المعروضة للبيع في نفس الفترة أي أنه اذا كان عدد العقارات المعروضة للبيع في مدينة ما وفي فترة محددة 100 عقار وتم بيع 80 عقار منه لن يكون أكثرمن فترة أخرى تم بيع 70 عقار من أصل 75 عقار كانت معروضة للبيع ففي المثال الأول كانت نسبة البيع 80% وفي الثانية حوالي 93%
أخيراً ماتقوم به وزارة العدل من خلال مشاركة المجتمع بالبيانات الخاصة بالعقارات هو أمر مهم وهو أحد الانجازات التي تحسب للوزارة التي كانت في السابق تتعامل مع هذه البيانات بسرية وتحفظ غير مبرر، فهو يساعد الأفراد والشركات في إتخاذ قرارتهم الاستثمارية الصحيحة في هذا السوق ، كما أن إقتصاد المملكة الضخم وحجم الاستثمارات الكبيرة فيه تحتم أن يكون هناك جودة في المؤشرات والأرقام الرسمية.