سجلت قيمة صفقات السوق العقارية تراجعها للأسبوع الثاني على التوالي بنسبة 33.9 في المائة، لتنخفض إلى 7.2 مليار ريال (4.7 مليار ريال للقطاع السكني، 2.4 مليار ريال للقطاع التجاري)، مقارنة بأكثر من 10.8 مليار ريال (4.4 مليار ريال للقطاع السكني، 6.4 مليار ريال للقطاع التجاري) للأسبوع الأسبق. كما سجلت للأسبوع الثاني على التوالي تراجعا أسبوعيا في عدد العقارات السكنية المبايعة خلال الأسبوع بنسبة 7.5 في المائة، انخفضت خلاله إلى 4801 عقار مبيع، مقارنة بنحو 5188 عقارا مبيعا للأسبوع الأسبق، شمل الانخفاض جميع أنواع العقارات السكنية باستثناء الأراضي الزراعية.
وبالنظر إلى تحركات متوسطات أسعار العقارات السكنية خلال الأسبوع حسب مختلف أنواعها؛ يلاحظ أن تنفيذ الصفقات تركز على العقارات الأقل سعريا، وهو ما أظهرته بصورة واضحة العقارات المشتراة للاستخدام النهائي، وتحديدا لدى العمائر والفلل السكنية، اللتين سجلتا متوسطات أسعار بلغت 1.1 مليون ريال بالنسبة للعمارة السكنية الواحدة، مقارنة بمتوسط 2.1 مليون ريال للعمارة السكنية الواحدة للأسبوع الأسبق (17 عمارة سكنية تم بيعها خلال الأسبوع، مقارنة بـ 20 عمارة سكنية خلال الأسبوع الأسبق)، ونحو 1.17 مليون ريال للفيلا السكنية الواحدة، مقارنة بمتوسط 1.3 مليون ريال للفيلا السكنية الواحدة للأسبوع الأسبق (31 فيلا سكنية تم بيعها خلال الأسبوع، مقارنة بـ 37 عمارة سكنية خلال الأسبوع الأسبق). وبالنسبة للشقق السكنية التي تشهد نشاط بيع أعلى مقارنة ببقية أنواع العقارات، فلم يسجل متوسط أسعارها خلال الأسبوع نموا أعلى من 1.1 في المائة، إلا أنه انعكس بالانخفاض على عدد الشقق السكنية المبيعة خلال الأسبوع، حيث انخفضت إلى 343 شقة سكنية مبيعة خلال الأسبوع، مقارنة بنحو 484 شقة سكنية للأسبوع الأسبق، مسجلة نسبة انخفاض أسبوعية بلغت 29.1 في المائة.
مؤشرات الخروج من الركود العقاري
كما سبق للتقرير العقاري الأسبوعي ذكره، لن تتحقق تلك المؤشرات الحقيقية إلا بانخفاض مستويات الأسعار المتضخمة للأراضي والعقارات، وعودتها إلى المستويات العادلة، الممكنة قياسا على مستويات دخل الأفراد وقدرتهم الائتمانية، عدا ذلك ستظل أوضاع السوق العقارية مستقرة على وضعها الراهن المسيطر عليه الركود!
ذلك أن مستويات الدخل بالنسبة لأفراد المجتمع لم يطرأ عليها النمو الذي يمكن أن يقلص الفجوة الكبيرة جدا، بين كل من مستويات الأسعار السوقية للأراضي والعقارات من جانب، ومن جانب آخر متوسطات دخل الأفراد، كما لا يزال نافذا تأثير تطبيق مؤسسة النقد العربي السعودي أنظمة التمويل العقاري، وتحديدها سقفه الأعلى بنسبة 70 في المائة من إجمالي قيمة التمويل، ولهذا لا يوجد حتى تاريخه مخرج للسوق العقارية من ركودها الراهن سوى أن تتنازل الأسعار المتضخمة عن علوها الشاهق، وهو ما سيدعمه زمنيا تحقق بقية الإصلاحات المرتقبة على السوق، وتحديدا الإعلان عن آليات تحصيل الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات.
كما يدخل في العوامل الدافعة إلى مزيد من تراجع الأسعار عقارياً، زيادة المخزون من الوحدات السكنية المتكدسة في جانب العرض، التي يمثل تعثر بيعها بالنسبة لملاكها تعطيلا للسيولة بالنسبة إليهم، ويزداد الضغط على جانب العرض بالنظر إلى تطورات السوق بصورة عامة، التي تشير إلى تغلب اتجاهات تراجع الأسعار على التوقعات الأضعف بعودتها إلى الارتفاع، وأن مستويات الأسعار في الوقت الراهن وإن كانت أدنى من الأهداف السعرية التي تم تحديدها في وقت سابق، إلا أنها تظل أفضل بكثير من الأسعار المحتملة في المستقبل، التي ستأتي أدنى بكثير منها في الوقت الراهن، وهو ما بدا فعليا يحدث في تعاملات السوق العقارية في الوقت الراهن، حيث تستقطب العقارات السكنية الأدنى سعريا مقارنة بغيرها اهتمام المشترين، ولهذا تشهد متوسطات أسعار العقارات التي تم التنفيذ عليها مستويات أدنى من غيرها للعقارات المتمسكة بأسعار أعلى، وهو أيضا السبب وراء انتشار فكرة عدم انخفاض الأسعار في أذهان أغلبية الأفراد.
ذلك أن كثيرا من الأفراد يقارن بين مستويات الأسعار السوقية لدى المكاتب العقارية، وعبر الإعلانات التجارية التي تعتبر مرتفعة جدا، هذا من جهة ومن جهة أخرى بين الأسعار التي يتم التنفيذ الفعلي عليها، وفقا لما تظهره البيانات اليومية لوزارة العدل، فيجد البون شاسعا جدا. تفسير كل ذلك يكمن في أن توازن قوى الطلب مع قوى العرض قد تحقق فقط في الصفقات المنفذة على أرض الواقع، بينما تشاهد الأراضي والعقارات المرتفعة الأسعار لا تزال جامدة وراكدة دون أي عمليات بيع، وستظل كذلك بعيدة عن قنوات نقل ملكياتها إلى أن ترضخ لقوى العرض والطلب الحقيقية في السوق.
لهذا على الأفراد الحذر الشديد من الوقوع في هذا الفخ، وأن يتنبه إلى قيمة الصفقات التي تم التنفيذ الفعلي عليها، وليس إلى أسعار العقارات المكدسة دون أي بيع لدى ملاكها، فالعبرة هنا بالسعر الذي تم التنفيذ عليه، وليس بالسعر الذي يحدده البائع ولكن دون وجود مشتر واحد، ودون أي تنفيذ على ذلك السعر المبالغ فيه.
زيادة رقابة مؤسسة النقد على قروض المصارف التجارية
أخيرا؛ يجدر بمؤسسة النقد العربي السعودي أن تكثف من الرقابة على المصارف التجارية ومؤسسات التمويل الخاضعة لها، وذلك في مجال التلاعب المحتمل أن تقوم به مع عملائها الباحثين عن قنوات لتمويل مشترياتهم من العقارات، وهو أمر سبق التحذير منه منذ بدأت في تطبيق الحد الأعلى للتمويل العقاري عند نسبة 70 في المائة من قيمته، وأنه قد يتم التحايل على تلك النسبة والالتفاف حولها من قبل المصارف ومؤسسات التمويل وحتى شركات التطوير العقاري، التي تبحث عن أي مخرج مهما كان للخروج من حالة الركود الراهنة، والمشتري (الفرد) في هذه الحالة سيكون عرضة مكشوفة تماما دون أي حماية، سيضطر دون شك إلى القبول بأي من تلك العمليات الاحتيالية، للحصول على المسكن أو الأرض، ويأتي دور مؤسسة النقد هنا كأهم طرف تقع عليه ضرورة حماية الأفراد من التورط في عمليات تمويل تفوق قدرته الائتمانية، ولا يتحقق منها إلا الفائدة لكل من المصرف الممول أو مؤسسة التمويل وشركة التطوير العقاري المتكدس لديها مخزون من العقارات لم يجد من يشتريه.