أنهت السوق العقارية السعودية عام 2015 على انخفاضٍ في إجمالي قيمة صفقاتها مقارنة بعام 2014 بنسبة 22.5 في المائة، لتستقر في نهاية العام عند 348.4 مليار ريال، مقارنة بمستواها الأعلى الذي سجلته السوق العقارية خلال عام 2014 عند 449.7 مليار ريال. كما جاء إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية لعام 2015 أدنى من إجمالي قيمة الصفقات لعام 2013 بنسبة 16.9 في المائة “إجمالي قيمة صفقات السوق لعام 2013 نحو 418.9 مليار ريال.
تأثّرت السوق العقارية تجاه هذا الانخفاض الكبير في قيمة صفقاتها، بالانخفاض القياسي الذي طرأ على صفقات أغلب أنواع العقارات المبيعة خلال العام، جاءت أعلى نسب التراجع المسجلة على كل من قيمة الصفقات العقارية على الأراضي الزراعية بنسبة انخفاض بلغت 60.0 في المائة، تلاها قيمة الصفقات العقارية على الفلل بنسبة انخفاض بلغت 58.1 في المائة، تلاها قيمة الصفقات العقارية على المراكز التجارية بنسبة انخفاض بلغت 38.1 في المائة، تلاها قيمة الصفقات العقارية على العمائر بنسبة انخفاض بلغت 35.0 في المائة، ثم جاءت قيمة الصفقات العقارية على قطع الأراضي بنسبة انخفاض بلغت 21.4 في المائة، وجاء التأثّر الأكبر للانخفاض في قيمة صفقات السوق العقارية من الانخفاض الذي طرأ على قيم صفقات كل من الأراضي الزراعية وقطع الأراضي، كون صفقات هذين النوعين من العقارات تشكل النسبة الأكبر من صفقات السوق العقارية، التي وصلت بنهاية عام 2015 إلى نحو 90.0 في المائة من إجمالي قيمة صفقات السوق، في حين ترتفع نسبة مساحات الصفقات على الأراضي إلى إجمالي مساحات صفقات السوق إلى نحو 99.1 في المائة. ويمكن فهم هذا التراجع القياسي في قيم الصفقات على الأراضي بكافة أنواعها الزراعي والتجاري والسكني لعدّة اعتبارات، لعل من أهمها دخول عديد من الإجراءات والأنظمة على السوق خلال العام الماضي، لعل من أبرزها الإعلان عن إقرار نظام الرسوم على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات، إضافة إلى انخفاض حدّة المضاربات على الأراضي نتيجة انخفاض مستويات السيولة في الاقتصاد والسوق على وجه الخصوص، نتيجة الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط في الأسواق العالمية، وانعكاسه المباشر والكبير على تدفقات الميزانية العامّة للحكومة، ويتوقع اتساع واستمرار تلك الانخفاضات خلال العام المقبل، خاصة بعد البدء الفعلي لتطبيق نظام الرسوم على الأراضي المرتقب مع حلول منتصف العام، بمشيئة الله تعالى.
تخضع السوق العقارية المحلية لعديد من العوامل والمتغيرات القوية، ويتوقع أن تزداد تأثيراتها خلال العام الجديد بصورةٍ أكبر مما أفضت إليه خلال العام المنصرم قريبا، فتحت ضغوط بدء تطبيق نظام الرسوم على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات، واستمرار تأثير ضغوط انخفاض أسعار النفط، وما سيترتب عليه من تقييد للإنفاق الحكومي بصورةٍ أكثر ترشيدا، وفي ظل الإصلاحات الكبرى التي يتم تنفيذها على مستوى الاقتصاد الكلي، وعلى السوق العقارية على وجه الخصوص، وأمام إحجام أغلب أفراد المجتمع عن الشراء بالمستويات السعرية المتضخمة للأصول العقارية، على الرغم مما شهدته من انخفاضات حتى نهاية العام الماضي “تراجع متوسط أسعار الأراضي الزراعية بنسبة 40.2 في المائة، وتراجع متوسط أسعار قطع الأراضي السكنية بنسبة 22.4 في المائة، وتراجع متوسط أسعار الوحدات السكنية بنسبة 14.4 في المائة”، إلا أنّها لا تزال متضخمة في حقيقتها، قياسا على موجة الارتفاع الكبيرة التي شهدتها خلال عقد زمني مضى 2006-2014، ومن جانب آخر يطغى شعور كبير عام لدى عموم أفراد المجتمع بأنّ الأسعار وفقا للمتغيرات المشار إليها أعلاه؛ تتجه إلى مزيد من الانخفاض خلال العام الجاري وما سيليه من أعوام، الذي بدوره يحفّز أغلب الأفراد على تأجيل وقت الشراء للاستفادة من تلك الموجة الهابطة لأسعار الأصول العقارية خلال الفترة المقبلة، كما يزيد من الضغوط الكبيرة على مستويات الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، وتحديدا الوحدات السكنية زيادة الفائض من الوحدات السكنية الشاغرة، المتوقع أن يرتفع من نحو 970 ألف وحدة سكنية شاغرة بنهاية 2015 “14.9 في المائة من إجمالي الوحدات السكنية، إلى أعلى من نحو 1.3 مليون وحدة سكنية شاغرة بنهاية العام الجاري الجديد “18.6 في المائة من إجمالي السوق العقارية السعودية.
كل تلك العوامل والمتغيرات تصبُّ في اتجاه إحداث مزيد من الضغوط على فقاعة الأسعار المتضخمة جدا، وقد نشهد مع أي تراجعات في أسعار النفط أو تصاعد مستويات تأثير المتغيرات المشار إليها أعلاه في اتجاه أكثر سلبية بالنسبة إليها، كل هذا لا شك أنّه سيخلّف وراءه آثارا أكبر على مستويات الأسعار، وهو الأمر الذي أصبح معلوما بصورة أكبر لدى عموم الأفراد، نتيجة ارتفاع مستوى الوعي والمتابعة بتلك المعطيات الاقتصادية والمالية.