وائل زقوت: تحويل الرمال إلى ذهب

أولئك الذين زاروا دبي في السنوات الأخيرة قد يهمهم ما سأقوله: تقع دبي وسط الصحراء وكانت أراضيها قبل وقت غير بعيد لا تساوي شيئا، الآن أصبحت واحدة من أكثر مدن العالم حيوية. حدث كل هذا في فترة قصيرة نسبيا.

تقف خلف هذا التطور المثير للإعجاب قيادة، ورؤية تحولت إلى قوانين وسياسات وإصلاح للمؤسسات وتنمية للموارد البشرية التي جعلته ممكنا، وفي الصميم من كل هذا تقف سياسات تنظيم الأراضي والعقارات، ودائرة الأراضي والأملاك هي واحدة من أفضل الإدارات في العالم. ووفقا لتقرير البنك الدولي لممارسة أنشطة الأعمال، تحل دبي في الترتيب العاشر عالميا من حيث سهولة تسجيل الممتلكات، إذ تتفوق على عديد من الاقتصادات المتقدمة.

من هنا لم يأت اختيار دبي لاستضافة المؤتمر العربي الأول لإدارة الأراضي والعقارات من قبيل المصادفة.
فهذا المؤتمر الذي يعقد في الفترة من 26 إلى 28 شباط (فبراير) 2018، سيتناول بعضا من أكثر الموضوعات تحديا في البلدان العربية اليوم وهي: كيف يمكن إدارة الأراضي للحد من الصراعات، وتشجيع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعظيم استفادة الأفراد والدولة والمجتمع من الأراضي والعقارات؛ بمعنى آخر، كيف يمكن تحويل الرمال إلى ذهب؟

يشارك في تنظيم هذا المؤتمر كل من حكومة الإمارات العربية المتحدة بالمشاركة مع البنك الدولي، والشبكة العالمية لأدوات الأراضي، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، والجامعة العربية، واتحاد المساحين العرب.

والمؤتمر مفتوح للجميع: المسؤولين الحكوميين، والأكاديميين، والطلاب، وسماسرة العقارات والمطورين، والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

سيتضمن المؤتمر جلسات وزارية رفيعة المستوى، لكنه سيشهد أيضا جلسات تقنية ستعرض خلالها الأوراق البحثية والعروض الإيضاحية عبر الموقع الإلكتروني.

وينبغي أن تتناول أوراق المؤتمر والعروض الإيضاحية قضايا الأراضي والممتلكات في الدول العربية، علما بأن آخر موعد لتقديم الأوراق هو 15 كانون الأول (ديسمبر) 2017، وستتاح بعض الأموال لتمويل عدد محدود من المشاركين الذين تم قبول أوراقهم أو عروضهم الإيضاحية.

سيتصدى المؤتمر لموضوعات مهمة للغاية تواجهها المنطقة من قبيل: الحصول على الأراضي للأنشطة المستدامة والاستثمار؛ والربط بين سياسات الأراضي والإسكان؛ والتعليم، والبحث، وتطوير القدرات من خلال سياسات وتنظيم وإدارة شؤون الأراضي؛ وحماية الأراضي وحقوق الملكية للنازحين واللاجئين لتيسير إعادة الإعمار؛ وحقوق المرأة والأراضي والتملك؛ والتكنولوجيات الجديدة لدعم أنظمة تسجيل الأراضي والعقارات، وتقييم الممتلكات والسياسات الضريبية.

سيعقد عديد من مناقشات المائدة المستديرة على هامش المؤتمر لبحث بعض الرسائل المهمة التي سيتمخض عنها المؤتمر، وفي النهاية، نأمل أن نشجع على تبادل مزيد من المعرفة، والبحوث، وتطوير القدرات لدى البلدان العربية بشأن هذا الموضوع الحيوي.

وكما نعلم جميعا، فقد أسهمت إدارة الأراضي، أو ربما عدم إدارتها، في الكثير من مشاكل المنطقة، نأمل أن يثير هذا اللقاء مناقشات في المنطقة للتصدي لعديد من التحديات الأساسية أمام الأراضي وإطلاق العنان لإمكاناتها لبناء مستقبل أفضل من خلال فتح الآفاق أمام القدرات الاقتصادية والاجتماعية الكامنة بالمنطقة؛ بمعنى آخر، يحدونا الأمل في أن نتعلم من دبي كيف نستخدم الرمل كي نصنع الذهب.

المصدر