عقار

نعم .. نسبة الإقراض العقاري منخفضة

سعود بن هاشم جليدان

تطرقت المقالة السابقة إلى تحديد نسبة ديون الرهون العقارية إلى الناتج المحلي الإجمالي. وقد قدرت النسبة الإجمالية للرهون العقارية في المملكة بنحو 13.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وصلت حصة الأفراد منها إلى 10.4 في المائة. وهذه النسبة منخفضة مقارنة بالدول الأخرى خصوصا المتقدمة منها، حيث تحتل سويسرا رأس قائمة دول العالم في الإقراض العقاري إلى الناتج المحلي الإجمالي، واصلة في 2014 إلى نحو 140 في المائة، وذلك حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. ويحتل عدد من الدول المتطورة مراتب عليا في الترتيب العالمي في نسبة الإقراض العقاري إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث وصلت هذه النسبة إلى 104.9 في المائة، 93.8 في المائة على التوالي في هولندا والدنمارك عام 2013. وتصل هذه النسبة إلى نحو 95 في المائة من الناتج المحلي في أستراليا حاليا. وزادت هذه النسبة بقليل عن 80 في المائة في كل من بريطانيا والسويد في 2013. وتنخفض هذه النسبة بشكل واضح في دول أوروبا الشرقية ومعظم الدول النامية. كما تنخفض النسبة في تركيا وروسيا إلى 6 في المائة، 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل منهما ـــ على التوالي ـــ خلال 2013. أما في الولايات المتحدة فتفيد بيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بلوغ هذه النسبة أوجها في عام 2008، عندما بلغت نحو 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب تضخم أسعار العقارات قبيل الأزمة المالية العالمية. وقد تراجعت هذه النسبة بعض الشيء في السنوات التالية بسبب الأزمة. وتحسنت سوق الإقراض العقاري في العامين الآخرين حتى وصلت إلى نحو 76 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عند نهاية عام 2015.

وعموما تشير بيانات الإقراض العقاري الرسمية في المملكة إلى الحقيقة المؤكدة وهي ضعف التمويل العقاري شاء من شاء وأبى من أبى. ويعود ضعف التمويل العقاري إلى عديد من الأسباب التي من ضمنها حداثة التمويل العقاري التجاري المنظم، حيث ترتفع نسب التمويل مع تراكم القروض العقارية عبر الزمن. كما يعود انخفاض نسب التمويل العقاري إلى انخفاض عمق النظام المالي، وكذلك تأخر صدور البيئة القانونية المنظمة للتمويل، التي ما زالت تحتاج إلى تطوير. فأنظمة الرهن العقاري الراهنة تركز على رهن الرواتب في الدرجة الأولى، ولم تمارس المصارف أي عمليات استحواذ أو بيع واسعة للعقارات.

كما تنخفض نسبة القروض العقارية إلى الناتج المحلي الإجمالي لعوامل هيكلية متعددة، من أبرزها استثناء المقيمين الذين يمثلون ثلث السكان من تملك العقارات، إضافة إلى ذلك تميل المصارف ـــ والشركات المصرح لها بالتمويل العقاري ـــ بدرجة كبيرة إلى استثناء معظم المواطنين العاملين خارج الدولة من عمليات التمويل. من جهة أخرى، يحول تدني دخول فئة واسعة من المواطنين ـــ مقارنة بأسعار العقارات ـــ دون استفادتهم من التمويل العقاري التجاري. فمعدل رواتب موظفي الدولة المدنيين الأساسي هو في حدود عشرة آلاف ريال في الشهر في عام 2014. أي أن نصف أو أكثر من نصف موظفي الدولة ــــ المستهدفين من قبل الممولين العقاريين ــــ لا يستطيعون الحصول على تمويل عقاري يكفي لشراء منزل، حيث تحد معدلات الرواتب عن تجاوز تمويل رهن عقاري بقيمة 500، أو 600 ألف ريال. وتزيد أسعار معظم العقارات السكنية بكثير عن هذا المبلغ.

يرتفع الطلب بقوة على الإقراض الحكومي العقاري حيث تشير قوائم الانتظار على قروض صندوق التنمية العقارية إلى أن الطلب على إقراض الدولة العقاري يتجاوز العرض بنحو 1.3 تريليون ريال. وتمثل الفجوة بين الطلب وعرض الإقراض العقاري الحكومي نحو 54 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. ولو تمت تغطية هذا الطلب لبلغت نسبة الإقراض العقاري إلى الناتج المحلي 68 في المائة، وهذه النسبة مقاربة لنظيراتها في الدول المتقدمة. ويعود ارتفاع الطلب على الإقراض الحكومي إلى انعدام تكاليفه والتسامح الكبير الذي تبديه الدولة تجاه المقترضين، حيث لم تطبق أي إجراءات في حق المماطلين والمتأخرين في سداد أقساط هذه القروض، كما تم إعفاء المقترضين من بعض الأقساط. وقد أدت التكاليف الصفرية للإقراض الحكومي العقاري وانخفاض متطلبات الملاءة المالية للمقترضين إلى توسيع دائرة المتقدمين للحصول عليه كما قادت إلى خفض أقساطه. ويساعد تدني أقساط القروض الحكومية العقارية الأسر محدودة الدخل على تملك منازلها. وتصل قيمة الأقساط الشهرية للقروض الحكومية العقارية إلى 1667 ريالا، بينما تصل أقساط المصارف العقارية الشهرية ولنفس المبلغ (نصف مليون ريال) ضعف هذا الرقم. فهل من المعقول أن يلجأ معظم الباحثين عن تمويل عقاري من المواطنين إلى الإقراض التجاري مضاعف التكاليف ولا ينظرون بعض الوقت للحصول على قروض حكومية دون تكاليف؟

المصدر

آخر تعديل تم نشره 27 مارس 2016 9:34 ص

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020