الاقسام: عقار

ندوة وزير الإسكان والتهريج في «تويتر»

خالد عباس طاشكندي

من الطبيعي أن نتفهم حجم الزخم الإعلامي والأضواء المسلطة على مستجدات الإسكان في المملكة، باعتبار أن امتلاك المسكن بات من أهم أولويات المواطن في هذه المرحلة، خاصة في ظل حالة التضخم العامة وارتفاع تكاليف المعيشة، ولكن حقيقة شيء مزعج ومؤسف كثرة وحدة الانتقادات «غير الموضوعية» لوزارة الإسكان، ومحاولة البعض استغلال وتوظيف هذه القضية الجماهيرية لكسب الأضواء والمزيد من الشهرة من خلال اللعب على أوتار وجوانب عاطفية لجذب الجمهور وتحريك الرأي العام باتجاه طروحاته بالرغم من سطحيتها وخلوها من المضمون، ولعل ردود الفعل السريعة في شبكات التواصل الاجتماعي حول الندوة التي شارك فيها وزير الإسكان معالي الأستاذ ماجد الحقيل مؤخرا في منتدى «أسبار» الشهري بحضور نخبة من المثقفين والباحثين والإعلاميين، والتي بادرت بتفعيل «هاشتاق» استبق انقضاء المنتدى وانتهاء الوزير من نقاشه، نموذج على حالة من الخفة في توجيه الانتقاد السلبي والمبني على لا أساس ولا مضمون.

ولم يبرح الوزير مقعده في تلك الندوة الهامة والنقاش البناء الذي صاحبها، إلا وإذا بنا نتفاجأ بوسم أو «هاشتاق» تويتري عنوانه «ثقافة المواطنين سبب أزمة الإسكان»، والذي نضح بآراء مشحونة بالسلبية وقمة في السطحية وعدم الواقعية، بل وتفاعل مع الهاشتاق عدد كبير من الشخصيات المجتمعية الذين تلقفوا بعض التصريحات التي ذكرها الوزير خلال المنتدى على طريقة المثل الحجازي الدارج «لقطوا الكبابة من فم القدر» بمعنى أنها ساخنة وشهية والأغلبية يلتهمونها على السريع دون الاهتمام لما بداخل القدر أو حتى محتوى الطبخة، هكذا تعامل الجمهور وبعض رواد التواصل الاجتماعي مع الحدث، وتضاعف التفاعل بمشاركة بعض أصحاب الحسابات الجماهيرية الضخمة التي تفوق المليون متابع، وزادت بعض الصحف «الإلكترونية» الطين بلة، بعد أن طنطنت على التصريحات المغلوطة ونقلت ردود الفعل السريعة دون أدنى مقومات المعالجة الصحفية الرصينة لمثل هذه القضايا بالغة الأهمية.

بهذه الطريقة المشوهة تم تحريك الرأي العام وتأليبه ضد جهود الوزارة ومبادراتها الهادفة في المقام الأول إلى تحقيق طموحاتنا كمواطنين، فما حدث من نقاشات في ساحات التواصل الاجتماعي بني على باطل، ولا يعدو كونه مجرد حفلة ساخرة للتهريج، ولكن تأثيراته السلبية هدامة، وتضرب الجهود القائمة لمناقشة وإيجاد حلول أكثر فاعلية في معالجة مشكلة الإسكان، ونتيجة لمثل هذه المعالجات السطحية الخاطئة، لا تزال شريحة كبيرة من المواطنين لا تدرك تماما أن الوزير هو جزء من منظومة إجراءات ضخمة تسبق اتخاذ القرارات، ولا يوجد مجال لرؤى أحادية أو اتخاذ قرارات ارتجالية كما يظن البعض، لأن هؤلاء البسطاء أصبح شغلهم الشاغل انتقاد مبادرات الوزارة وتوجهاتها وصبها جميعا في شخص الوزير، بينما الحقيقة هي أن رؤيته ورؤى الوزارة تتبلور من خلال طرحها على هيئة دراسات معمقة بمشاركة لجان وجهات استشارية ثم ترفع إلى مجلس الشورى لدراستها والوصول إلى التوصية المناسبة لرفعها إلى مجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تمهيدا لاتخاذ القرار، أي أن هناك إجراءات ومعايير دقيقة في مسألة طرح المسؤولين للحلول والرؤى والمبادرات في قضية ما، واتخاذ القرارات.

لقد حاد النقاش البناء الذي طرحه وزير الإسكان في ذلك المنتدى الهام عن مساره الصحيح بسبب تلك الغوغائية في التعامل مع الحدث في شبكات التواصل الاجتماعي ومن خلال تغريدات بعض الشخصيات المجتمعية المؤثرة في الرأي العام، وأولئك تركوا نقاشا امتد لأكثر من ساعتين، واكتفوا بجز دقيقتين فقط ليتبادلوا عليها القفشات والنكات الساذجة، ولا يدرك هؤلاء حجم الانطباعات والصورة السلبية التي يرسمونها في ذهن المتلقي، ولذلك أصبح كل ما تقدمه الوزارة من حلول غير مرضية لشريحة كبيرة من الجمهور ومحل انتقاد غير موضوعي في كل شاردة وواردة، ونستشهد في ذلك بحلول «القرض المعجل» التي واجهت انتقادات واسعة، بالرغم أنه في الحقيقة «خيار» إضافي بمزايا متعددة وليس حلا بديلا، بل ربما يمثل حلا سحريا لمن لا يريد أن ينتظر لسنوات حتى يحصل على قرض الصندوق، مع العلم بأن هذا القرض له مزايا محفزة لشريحة كبيرة، فمدة السداد مجزأة على سنوات طويلة وحجم الفائدة الربحية محدود نظرا لأن الصندوق سيتكفل بدفع أرباح القرض نيابة عن المقترض، وهذا النموذج سيفيد شريحة كبيرة تجد أن لديها القدرة على السداد بهذه الآلية، كما أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء سيدعم تخفيض أسعار العقار، بل هو الحل الأمثل بشهادة أشهر خبراء العقار وحظي بتقبل جماهيري واسع، واقترب هذا الحلم من التحقق بالفعل.

للأسف.. أنه نتيجة لكل هذه الإثارة السلبية، تتناسى شريحة كبيرة من المواطنين أن جميع الجهات المسؤولة والمعنية تستنفر لإيجاد حلول منطقية، وأصبح البعض يتغافل أن عليه واجبات مقابل الحقوق، وأخذ يطالب بسقف من الحلول غير المنطقية ولا تتوافق مع الواقع، لأن البعض رفع سقف مطالبه لدرجة «فانتازية» ويريد أن يجعل من الوزارة جمعية خيرية تساهم في توفير السكن مجانا، بل وربما شاملا للمأكل والمشرب ومعها مصروفات الزواج وتكلفة الذرية الصالحة مستقبلا.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 6 نوفمبر 2015 11:06 ص

عرض التعليقات

  • حبيبنا الأخ طاشكندي مايقارب ٢ مليون مواطن بمافيهم من المثقفين والمسؤلين والمواطنين العاديين الغلابه امثالي لقطو الكبابه من فم القدر كرما أدلي لنا انت ووزير الفكربما في داخل القدر

  • أخ خالد ممكن تلخص النقاش البناء الذي طرحه الوزير في الندوة ،، أم أن هذا الطلب يتجاوز الواقع ويعتبر فانتازيا ايضا

  • لله درك على هذا المقال الأخ خالد ، الحمد لله انه باقي احد في هالبلد يقراء ويفهم ، لانه بعد العاصفة التي اثيرت والله اني حزنت على حال شعبنا الي وصل لمرحلة متردية جدا مع الأسف واحد يكتب ومليون يصفقون له وما يدرون او لم يقرأو ماكتب والمصيبة الأكبر ان من ضمن القطيع من يدعي انه مثقف او عالم او ....

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020