نجيب يماني: الإسكان ثمرة من سلة الرؤية

البیت من نعم الله عز وجل امتن به على عباده بقوله: (والله جعل لكم من بیوتكم سكنًا) أي مسكنًا لأن السكن ما سكنت إلیه وما سكنت فیه، فھم یأوون إلیه، ویستترون به، وینتفعون على سائر وجوه الانتفاع.

والبیوت تقام للستر من أعین الناس وفیھا تكون اللبنة الأولى لتكوین الأسرة في جو من الطمأنینة والأمن والأمان منذ القدم والسكن الملائم ھو ھاجس الإنسان وتفكیره، ویأتي في مقدمة أولویاته ومتطلباتھ وھو من الضروریات لتحقیق الاستقرار المجتمعي ودوران عجلة التنمیة
والبناء، والارتقاء بالنمط المعیشي للإنسان، وتحقیق رفاھیته في بحثه الدؤوب عن سكن ملائم لجأ الإنسان إلى الكھوف وجذوع الأشجار لتحمیھ من تقلبات الطقس وحر الشمس وبرد الشتاء وھجمة الأعداء، وفي ھذا دلیل قوي على مدى حاجتھ الفطریة إلى بیت للعیش فیه.

والبیوت عبارة عن كائن حي غیر ناطق فعلى جدرانھا وسقوفھا تدور الحكایات وتبقى الحروف وتتناثر الذكریات لتحكي للأجیال قصصا لأناس عاشوا أفراحھم وأحزانھم، أصواتھم تحفظھا الجدران ودموعھم ما زالت آثارھا باقیة على الأعتاب.

في السعودیة الجدیدة أدرك ولي الأمر حفظه الله أھمیة السكن في تحقیق رغد الإنسان ورفاھیته وحفظ كرامته، وأن من حقھ أن یكون لھ سكن ملائم یضمه ویحقق له أقصى درجات الأمن والأمان كما أكدت ذلك كافة الشرائع السماویة والقوانین الأرضیة على أن السكن حق أصیل من حقوق الإنسان یقول ولي العھد الأمین وھو یتحدث عن رؤیة المملكة 2030» طموحنا أن نبني وطنا أكثر ازدھارًا یجد فیه كل مواطن ما یتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنیه معًا لن نقبل إلا أن نجعلھ في مقدمة دول العالم بالتعلیم والتأھیل بالفرص التي تتاح للجمیع والخدمات المتطورة والرعایة الصحیة والسكن والترفیه وغیره، وقد كان والحمد، وبدأنا نقطف ثمار الرؤیة.

فتم تفعیل أداء وزارة الإسكان والرقي بخدماتھا حتى تعمل بصدق وإخلاص لإنزال رؤیة المملكة على أرض الواقع وتمكن المواطن من الحصول على سكن مناسب عن طریق رفع نسب التملك للوحدات السكنیة لتصل إلى 70 %من نسبة السكان بحلول عام 2030 وذلك من خلال
استحداثھا للبرامج المحفزة للقطاعین العام والخاص، وتیسیر إجراءاتھا للحصول على سكن لفئات المجتمع المختلفة، كما ھدفت وزارة الإسكان بوزیرھا الطموح إلى أداء ممیز لتحقیق تطلعات المواطن فقامت بتحفیز المعروض العقاري ورفع الإنتاجیة وتطویر الأراضي البیضاء لزیادة الرقعة السكنیة بتطویرھا ما یقرب من 46 ملیون متر مربع لمكافحة الممارسات الاحتكاریة وزیادة القروض العقاریة لصالح المواطن بعد سنوات من القھر والحرمان والاحتكار إضافة إلى تطویر المناطق العشوائیة والأراضي الوزاریة لتحقیق استفادة المنتسبین لبرامج الدعم السكني، محققة في عھد وزیرھا ماجد الحقیل قفزات موفقة تمثلت في ارتفاع نسبة المساكن المشغولة إلى حوالى 63 %كما شھدت ارتفاعا ملحوظًا في القروض المقدمة للمواطنین من مؤسسات تمویلیة بلغت (84481 (قرضا كما بلغ إجمالي
العقود الموقعة 603.11 ملیار ریال.

إن برنامج سكني الذي بدأ في 2017م قد وفر280 ألف منتج سكني، وكذلك 300 ألف منتج سكني في العام 2018م وما زال ھذا البرنامج یقوم بمبادرات متعددة لعل آخرھا توقیع اتفاقیة مع مؤسسة الملك فیصل التخصصي ومركز الأبحاث لتقدیم خدماته الإسكانیة لمنسوبي المستشفى وقد وقع الاتفاقیة (الماجدان) الحقیل والفیاض شملت العدید من المزایا لمنسوبي المؤسسة في الریاض وجدة والمدینة كعروض تشجیعیة بخصومات مناسبة ضمن سلسلة اتفاقات أخرى مع عدة جھات حكومیة وما زال البرنامج یعمل جاھدًا لیغطي أكبر قدر ممكن من الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومیة.

لقد حققت الوزارة الكثیر من الإنجازات شھد لھا بالتفوق بناء على معاییر عالمیة وموضوعیة شركة جدوى ومؤسسة النقد ومركز استطلاع الرأي وغیرھا، وما زال أمامھا مشوار طویل للقضاء على الأراضي البیضاء المتمركزة في المدن وفي مواقع ممیزة والتي كانت خنجرا مغروسا في ظھر المدن دون أن یطورھا أصحابھا للاستفادة منھا أو على الأقل تسویرھا دفعا للتشوه البصري وھي مساحات شاسعة محتكرة لفئة محدودة فلا بد من تطویر ھذه الأراضي بما یعود بالنفع على المواطنین، خاصة أن ھناك برنامجا أقرته الدولة وھو فرض رسوم على الأراضي البیضاء، وھو سلاح تستطیع أن تستخدمھ الوزارة لتطویر البنیة التحتیة كما حدث أخیرا في إسكان تبوك، لنعیش حیاة جدیدة تظللنا فیھا رؤیة مباركة أساسھا فھم متقدم للإنسان فلا بد أن نسعى جاھدین لمواكبتھا لنحظى بخیره.

المصدر