واجهت مدينة سان دييقو الأمريكية مشكلة حولت عدداً كبيراً من السكان إلى مشردين، وهي غلاء أسعار إيجار العقار لدرجة لا تستطيع العوائل تحملها!
بعد بحث في أصول المشكلة وُجد أن بعض هوامير العقار قاموا بما يعرف في فن التسعير بتوحيد الأسعار Price Fixing، وهي ممارسة تعد جريمة في غالب دول العالم، حينما تقوم مجموعة من رجال الأعمال الكبار (خفية) بالاتفاق على تأجير الشقق بسعر معين، غالبا يكون فوق سعر السوق. تزايد أسعار إيجار العقار
ولهذه الممارسات طبقت سان دييقو حلا أصبح ممارسة معروفة في أكثر من 200 مدينة كبرى حول العالم، وهو ما يعرف بوضع سقف للأسعار، وتضع الحكومة نسبة سنوية – 2% كمثال، حيث لا يستطيع صاحب العقار رفع الإيجار أكثر من النسبة المقررة للزيادة سنويا!
بمعنى لو كنت مستأجرا لشقة بعشرين ألف ريال سنويا، وإذا كانت النسبة المقررة حكومياً 2%، فإن صاحب العقار لا يستطيع الزيادة أكثر من 200 ريال في السنة المقبلة.
وهذه ممارسة علمية تسمى سقف السعر Price Ceiling، وللاقتصاديين حوله نقاش طويل بين مؤيد ومعارض، ولكن تطبيقها تقريبًا في أغلب مدن العالم يدل على نجاحها وأنها قدمت حلا حقيقيا لمشكلة يعاني منها كثيرون.
ضرورة وضع تشريعات لكبح الجشع
جشع التجار يقود لممارسات مخيفة ومضرة للمستهلك النهائي، ويأتي ذلك في صور مختلفة، وهنا يبرز دور القطاع الحكومي في حماية المستهلك من خلال منظمة قوية تفهم تفاصيل القطاع الخاص، ولديها الصلاحيات الكاملة في اتخاذ القرار لكبح ممارسات قلة قليلة من جشع التجار، لأن هناك ولنكن صادقين حملة في الآونة الأخيرة ضد رجال الأعمال والتقليل من دورهم في المجتمع، ولهذا أقول إن غالب رجال الأعمال فيهم خير ويحبون الوطن، ولكن الحب لوحده لا يكفي، ولا بد من تشريعات قوية لكبح جشع البعض من التجار الذين ينظرون للمجتمع فقط على أنه صراف بنكي!
التجربة الأمريكية لإيقاف الجشع
في أمريكا كمثال هناك جهتان حكوميتان مسؤولتان عن تطبيق نظام الاحتكار، وهي: الإف تي سي (أقرب لها وزارة التجارة). ووزارة العدل الأمريكية! وجود وزارة العدل مهم جدا في إيقاف اللاعبين الكبار في البلد.
قبل سنوات حاولت شركتا أوفيس ديبو وستيبل Office Depot and Stable. الاندماج لتصبحا شركة كبرى متخصصة في تأثيث المستلزمات المكتبية، ولكن رفضت وزارة العدل ذلك لأنه سيؤدي إلى احتكار السوق ويقتل المنافسة!
ليس هذا فحسب، بل عندما تتضخم أي شركة لدرجة أنها تسيطر على السوق مثلما حدث مع شركة أي تي اند تي At&t في التسعينيات. حيث سيطرت على قطاعات في الاتصالات وصناعة الأفلام والإعلام.
فقامت الحكومة بتفتيت الشركة وتحويلها إلى كيانات صغيرة مرة أخرى لمنع احتكار السوق، حاليا هناك نقاش حول شركتين أمريكيتين قد تواجهان المصير نفسه: قوقل وأمازون!
غياب دور «منافسة» عن المستهلك النهائي
في السعودية هناك جهة تقف خلف تطبيق نظام المنافسة السعودي، هي الهيئة العامة للمنافسة “منافسة”، وعلى الرغم من الدور الجوهري لـ منافسة في حياة كل مواطن ومقيم، إلا أنها غائبة عن عين المستهلك، بعكس مثيلاتها في دول أخرى.
وهنالك بعض الممارسات اللا أخلاقية في القطاع الخاص تحتاج لجهة قوية جداً للضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه العبث بالمستهلك النهائي.
هل تستطيع منافسة القيام بدورها الحقيقي بهذا العدد المحدود من الموارد البشرية والمالية لضبط سوق دولة من أكبر اقتصاديات العالم؟