محمد العباسي: بناء منزل بتكلفة أقل في المستقبل!

التذبذب في أسعار الأراضي وتكاليف السكن محط أنظار ومحور حديث ساخن لعديد من خبراء التطوير العقاري، ليس فقط داخل المملكة، بل هي مشكلة تؤرق كثيرا من المطورين العقاريين والراغبين في تملك سكن. في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، الدلائل تشير إلى انهيار محتمل في سوق العقار بسبب الفقاعة الحالية لارتفاع أسعار العقارات.

على كل حال، هذا المقال لا يهدف إلى تقديم نصائح لشراء أو بيع عقار في الوقت الحالي، أو نقاش حول ارتفاع وانخفاض أسعار العقار في الأسواق المحلية والعالمية!

هذا المقال يسلط الضوء على تكلفة بناء المسكن، والذي يعد أحد العوامل الرئيسية لارتفاع أسعار المنازل، وهو العنصر الذي قد يكون غائبا عن الذهن لمن يريد امتلاك مسكن ميسر.

وفقا للجمعية الوطنية لبناء المنازل بواشنطن (The National Association of Home Builders) فإن بناء منزل لعائلة صغيرة يكلف تقريبا 237 ألف دولار، أي ما يقارب 890 ألف ريال، وبالتأكيد هذا السعر لا يتضمن سعر قطعة الأرض، فهذا المبلغ يقتصر فقط على تكلفة مواد البناء وأجور العمال.

إذن ما هي الطريقة المناسبة لبناء وامتلاك مسكن بتكلفة ميسرة، في حين أن تكلفة بناء المنزل دون تكلفة شراء عقار قاربت المليون ريال؟ لحسن الحظ هناك حلول تلوح في الأفق، وأحد تلك الحلول الإبداعية التي ستغير من قواعد اللعبة في مجال صناعة البناء هي الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing).

البعض يعتقد أن الطباعة الثلاثية الأبعاد للمباني مجرد أفكار خيالية، وغير مجدية لتطبيقها في الواقع. لكن حقيقة الأمر أن الأبحاث في هذا المجال تسير على قدم وساق وتتطور بشكل يصعب اللحاق به، وفي القريب العاجل سيصبح من الممكن العيش في منزل مطبوع، وذلك الوقت سيكون أقرب مما تتخيل!

يذكر أنه في العام الماضي دشنت وزارة الإسكان بالتعاون مع شركة (CyBe) الهولندية أول نموذج لمبنى مطبوع في السعودية، وهو عبارة عن منزل مكون من غرفة نوم واحدة على مساحة 80 مترا مربعا، أنشئ من 48 عنصرا مطبوعا في الموقع – 27 حائطا و21 ساندا للمبنى، وجميع تلك العناصر تمت طباعتها خلال أسبوع فقط، وبعدد عمال أقل من المتطلب في حال البناء بالطرق التقليدية، علما أن هذه المبادرة جزء من خطة وزارة الإسكان في رؤية المملكة 2030 لرفع نسبة تملك المساكن وتوفير سكن بأسعار ميسرة، والتي تهدف إلى بناء مليون ونصف المليون منزل باستخدام تقنيات البناء الحديثة، وتوفير وظائف للشباب من خلال تأهيلهم وتدريبهم لتشغيل الطابعات والروبوتات التي ستستخدم لبناء المساكن.

لكن ما أهمية هذا الموضوع؟ أهمية هذا الموضوع تكمن في تخفيض التكلفة المتعلقة ببناء المنازل بشكل جذري، ففي الوقت الحالي تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وليدة الثورة الصناعية الرابعة، ومن الصعب التنبؤ بمدى الانخفاض الذي ستحدثه هذه التقنية في مجال التطوير العقاري على المدى القريب، لكن على المدى البعيد فإن تأثير الطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني سيكون مذهلا.

على سبيل المثال، لك أن تتخيل مدى التأثير الذي سيحدث إذا أصبح بالإمكان تخفيض متوسط تكلفة البناء من نحو 890 ألف ريال إلى 200 ألف ريال، مما يعني أن العديد ممن يعانون من ارتفاع تكاليف البناء وكانوا غير قادرين على امتلاك منزل، سيصبح بإمكانهم امتلاك منزل.

المصدر