عقار

محمد الساعد: نقل التجربة المصرية للأراضي السعودية !

محمد الساعد

طوال السبعینات والثمانینات وحتى نھایة التسعینات المیلادیة لم یكن ھناك من قضیة تؤرق الدراما المصریة أكثر من «السكن» بالدرجة الأولى، كانت السینما والتلفزیون والصحافة تدفع نحو ابتكار حلول عاجلة لأزمة طاحنة، ولطالما سمعنا تلك الحوارات التي عبرت بصدق عن معاناة المصریین وتوقھم للحصول على «شقة» صغیرة یكملون بھا حیاتھم.

ربما كنا نتندر منھا لأننا في تلك الأیام لم نكن نعاني من استحقاق السكن كما الیوم، فتعدادنا كان قلیلاً وظروف حیاتنا بسیطة والحصول على السكن سھل جداً والإیجارات منخفضة والمدن صغیرة والسكن مع العائلة الكبیرة خیار أساسي في تلك الأیام وتختفي في تفاصیلھا حاجتنا المستقلة لمنزل خاص.

لكن مع زیادة أعداد السعودیین وتغیر أسالیب حیاتھم وتنقلھم في مدن ومناطق بعیدة عن جذورھم الأساسیة، أصبح من الملح إیجاد سكن یلائم العائلات التي كبرت وطریقة حیاتھا المستقلة التي یعیشونھا.

في مصر كل تلك الأزمة تراجعت منذ العام 2000 وما بعدھا، فقد حصلت في مصر ثورة عمرانیة ھائلة وطفرة قل نظیرھا في العالم العربي، كان قوامھا البیع على الخریطة – المستثمر الجاد – التسویق والإعلان – ابتكار المنتجات – القوانین الصارمة – الحافظة على حقوق الأطراف جمیعا – التمویل البنكي السھل.

وللأمانة لم تتدخل أو تمول الدولة المصریة إلا القلیل من تلك المشاریع، فقد كان القطاع الخاص المستثمر الأكبر وھو المبادر والمغامر، وجل ما فعلته الدولة كان التشریع والدعم والحمایة وتقدیم الخدمات والبنیة التحتیة للمشاریع الجدیدة.

لقد انفتح المستثمرون بشكل غیر مسبوق على تلك الفرص الإسكانیة واستطاعت العبقریة المصریة أن تبتكر عشرات المنتجات العقاریة منخفضة التكالیف التي ساھمت في إنشاء مدن جدیدة وملایین من الوحدات لبت حاجة المواطن المصري بكافة شرائحھ في الحصول على سكن.

أیضُا ھناك عامل مھم یجب ألا نغفلھ، وھو أن سقف المصریین لم یكن عالیاً، كانوا واقعیین جداً مع ظروفھم، فكما یقال «لكل حجرة أجرة»، بمعنى لم یتشرطوا ولم یرفضوا السكن في المدن الجدیدة ولا العیش في الضواحي البعیدة، لأنھم یعلمون أن انخفاض سعر العقار یعني القبول بأن تكون تلك المنتجات خارج المدن.

أتذكر عندما قال وزیر الإسكان السعودي ماجد الحقیل، إنھ ینظر بإعجاب شدید للتجربة المصریة ویتمنى نقلھا للسعودیة، كان الحقیل محقاً لأنه وبكل بساطة لا یستطیع أن یبني ملایین الوحدات، فلكل منّا ذوقه وحاجته المختلفة عن الآخرین، كما أن المشاریع المشتركة تستھلك المیزانیات، وھي آلیة معقدة ومكلفة وبطیئة جداً، لكن الحل الأمثل ھو أن تكون الوزارة وسیطة بین المطور والمشتري، كما حصل في مصر تضمن حقوق الطرفین وتساھم في تخفیف العبء عن المستھلك، مع دفع المطورین السعودیین إما للاستفادة من التجارب المتاحة، أو فتح الباب أمام المطور المصري لنقل تجربتھ والاستثمار في السوق السعودیة الواعدة.

العدید من قاصري النظر رأوا بأنھا مجرد كلمات للاستھلاك، وثار البعض ضدھا ولم یتركوھا لتتحقق على الأرض مقللین من التجربة وأھمیتھا
ِ في أجندة الشارع، بالتأكید لم تختف فبلد یتجاوز عدد سكانه 90 ملیوناً سیبقى في حاجة دائمة لمشاریع الزائر لمصر الیوم یجد أن مشكلة السكن تراجعت كثیراً.

الإسكان خاصة للطبقات الدنیا والفقیرة، في السعودیة ما زلنا في البدایة نحاول تلمس طریقنا وابتكار حلولنا الخاصة التي من المفید أن نطعمھا بتجارب الآخرین، لإیجاد مدن جدیدة وطرح منتجات سكنیة قادرة على تلبیة حاجة المواطن وذوقه وأسلوب حیاته.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 13 أبريل 2019 12:45 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020