عقار

محمد الساعد: حي الرويس .. البشر أم الحجر !

محمد الساعد

يخترق شارع السيد، حي الرويس بجدة من الشرق للغرب، المليء بدكاكين العيش والفول والفواكه والأسماك الطازجة، وعلى أطرافه البيوت والأحواش وشجر النيم، لكنه يخترق معه ذكريات «الحواتين» القدامى، وكأنه لسان من البحر يمضي داخل الحي ينام مع أهله وبنيه.

كان هذا الحي قبل مئات السنين «بورا» صغيرا على طرف سور جدة الشمالي، يفصلهما الملاحات والسبخ، هو قرية ساحلية للصيادين، الذين رست على شواطئه قلوبهم وأحلامهم، قبل أن ترسو قواربهم.

في الرويس انشد الصيادون أهازيجهم كل صباح، وهم «يهبطون» البحر يقطفون رزقهم، أو قادمون منه في المساء، يحملون الأسماك، وينفضون الشباك، لفجر آخر وشقاء جديد.

ترى ذلك التعب المتراكم، في البيوت البسيطة، والكفاف، والتعفف الذي توارثه الأبناء عن الأجداد، في الرويس توجد بيوت الفقراء والمستورين، عمرت بأهلها، وزغردت فيها النساء، وركض في طرقاتها الأطفال، وتلا فيها الصبيان والفتيات سور القرآن الكريم.

الرويس لم يغب عن وجدان ملوك هذه البلاد وعدالتهم، تقول البرقية الملكية الموجهة من الملك سعود إلى الأمير فيصل – حينها – ، رحمهما الله، فبالنظر إلى أن أهل قرية الرويس وأهل قرية النزلة الشمالية في ضواحي جدة، قد أعفوا من دفع حكر الأراضي التي يشغلونها حسب الأمر الملكي..

وبالنظر إلى امتداد العمران نحو الضواحي المشار إليها، ولحفظ حق هؤلاء السكان وأقدميتهم ونظرا لفقرهم، فقد وافقنا على تملكهم الأرض التي يشغلونها إنعاما خاصا من لدنا، دون دفع أي قيمة أو رسم..

فاعتمدوا إبلاغ وزارة المالية بذلك لتحديد الأرض وتسوية الشوارع فيها، وإعطاء كل واحد منهم حجة بتملك الأرض التي بنى عليها والله ولي التوفيق.

حي الرويس، درة أحياء جدة، وتاجها المذهب، يقع بين شارع فلسطين شمالا، وشارع الأندلس غربا، وطريق الملك عبدالله جنوبا، وطريق المدينة شرقا، ويمتد هذا الحي على قرابة مليون متر مربع، ولذلك كله، يعد مغريا تجاريا.

الرويس اليوم لا يسكنه الصيادون القدامى، لكن يمتلكه ويسكنه أحفادهم، وهو موطنهم الأصيل ومسقط حياتهم، ومن حقهم أن يعيشوا فيه، الرويس بقيت كما هي، لم تتغير، بمنازلها الصغيرة، وشوارعها الضيقة، وخدماتها البسيطة.

بيوتهم على بساطتها، بنيت من تعب السنين المضنية، ومن قروض البنك العقاري، ورخص البلدية.

مشروع الرويس له قصة يجب أن تذكر، مع من يريدون تحويله من حي يسكنه البشر إلى «منهاتن» الأموال والأبراج والمكاتب والحجر.

بمساحة مليون متر مربع، يقع الرويس في وسط جدة التجاري، وهو ليس عشوائيا بالكامل، فيه مبان حديثة جدا، وبنوك، وشوارع فسيحة، وفيه أيضا بيوت صغيرة، وشوارع ضيقة، ويبلغ سعر المتر في أقرب حي له، وهو حي الحمراء «خمسة عشر ألف ريال» ، ولو قدر للتجار أن يستثمروه، بعد هده ودفن ذاكرته وتسويته بالأرض، لتحقق التالي..

سيصبح سعر المتر على الأقل بين ثمانية وعشرة آلاف ريال، وهو تقدير متواضع نسبة لمتر الأحياء المجاورة، أي ما يقدر بثمانية مليارات ريال، وبعد بنائه وتحويله لمركز رأسمالي، ستقدر قيمته بناء على عوائده المتوقعة، بما يزيد على مئة مليار ريال.

في كل الدنيا توجد أحياء بسيطة داخل المدن، لكن أهلها وبلدياتها تحافظ عليها كما هي، فقط ترصفها بالحجر، وتزينها بالإضاءات والألوان المميزة، وتحولها لمتاحف ومطاعم ومقاه وفنادق صغيرة، لأنها جزء من ذاكرتها، هل رأيتم أحدا يقتطع ذاكرته، ويضع بدلا عنها حجرا من رخام.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 8 أغسطس 2016 3:24 م

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020