تنفذ في أم القرى منذ سنوات عدة مشاریع لبناء مئات الأبراج السكنیة لاسیما في المناطق القریبة من المسجد الحرام، وفي الأحیاء التي یفضلھا الحجاج سكناً لھم لقربھا من المشاعر المقدسة، فیما لم ترتفع أعداد الحجاج بالنسبة التي تقابل ما أنشئ من أبراج مما حول ھذا النشاط العمراني إلى سیاسة إغراق في بناء الشقق السكنیة والفندقیة بأم القرى بما یفیض كثیراً عن حاجة ضیوف الرحمن، فإن لم یكن عدد الحجاج یقابل ما أنشئ من وحدات سكنیة وفندقیة فإن ذلك یعني بقاء آلاف الوحدات
!في المواسم الدینیة غیر مشغولة، الأمر الذي سیؤدي إلى عدم جدوى الاستثمار العقاري بالبلد الأمین!
وإضافة لما ذكر فإنه یوجد مشاریع استثماریة جدیدة تقدر مساحة المشروع الواحد منھا بملایین الأمتار، لو نفذت فیه أبراج سكنیة وفنادق فإن الدراسات الاقتصادیة تؤكد أنھا قادرة على استیعاب ثلث العدد الحالي من الحجاج القادمین من الخارج، فإذا أضفْنا إلى ذلك المشروع العدید من المشاریع المماثلة فإن أعداد الحجاج إن لم ىترتفع خلال السنوات القادمة، تبعاً لارتفاع الطاقة الاستیعابیة لأبراج ومساكن وفنادق الحجاج، فإن كساداً ھائلاً سوف یحصل لتلك المساكن.
إن معظم المشاریع الاستثماریة بمكة المكرمة خاصة التي تقع في المنطقة المركزیة كلف المشروع الواحد منھا عشرات الملیارات من الریالات وانتظر المساھمون فیه جني الأرباح سنوات طویلة یصل بعضھا إلى عشرین عاماً، فإذا انقضت سنین البناء والإنشاء والتعمیر، وجاءت فترة الحصاد ووجد المساھمون نصف الشقق السكنیة المخصصة للحجاج غیر مشغولة، فذلك یعني أن المشاریع التي ساھموا فیھا أو الأبراج التي امتلكوھا لن تحقق لھم أیة عوائد ربحیة لأنھا فائضة عن حاجة الحجاج.
وربما تتأثر الإیجارات الموسمیة فیصبح متوسط العائد السنوي من الإیجارات أقل من اثنین في المائة، وھذا سیكون لھ انعكاس غیر جید على أسعار أسھم تلك العقارات بما یمثل ضربة قاصمة لاقتصادیات الحجاج في مكة المكرمة، ولعلي أعود مجدداً لطرح الاستفسارات التي یطرحھا بعض رجال الأعمال والمستثمرین في العاصمة المقدسة، عما إذا كانت ھناك دراسات اقتصادیة استثماریة حقیقیة صادقة عن الحاجة الفعلیة من مساكن الحجاج خلال السنوات القادمة تم على إثرھا الدخول
ُ في المشاریع العقاریة الكبرى على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات، أم أن معظم ما یحصل من نشاط لم یْبن على دراسات؛ ولذلك كان توقع حصول الإغراق في السوق العقاریة بأم القرى مصدر قلق ومحل نقاش من قبل مھتمین بالشأن المكي في ھذا المجال!