الاقسام: عقار

كم بقي من الأرض لنسكنها؟

فهد عامر الأحمدي

مثل معظم المواطنين وصلني القرض العقاري بعد فوات الأوان.. انتظرته خمسة وعشرين عاماً حتى أتى في زمن لم يعد فيه كافياً لشراء قطعة أرض.. صحيح أنني استلمت خمس مئة ألف بعد أن كانت ثلاث مئة ألف فقط، غير أنني اضطررت لإضافة خمس مئة أخرى لشراء أرض قاحلة جرداء بمليون ريال..

قطعة تراب ابتلعت القرض والتحويشة لدرجة كرهتها ولم ألق عليها نظرة طوال السنوات الماضية.. غير أن تخرج “حسام” و “فيصل” من الثانوي جعلني (أتعوذ من إبليس) وأفكر في بنائها كشقق…

وما أغاظني لاحقاً (فوق غيظي سابقاً) هو حجم الاستقطاعات الكبيرة التي تؤخذ من مساحة أي أرض يشتريها المواطن..

فأولاً لا يحق لك البناء لأكثر من دورين وملحق.. وقرار كهذا لم يفاقم أزمة العقار فقط بل وساهم في تمدد مدننا أفقياً (لدرجة أصبح المشوار في الرياض يحتاج لساعات/ في حين يمكنك قطع مانهاتن في نيويورك مشياً على الأقدام)..

وبالإضافة لمحدودية الارتفاع (الذي يصب في مصلحة هوامير الأراضي) هناك استقطاع 40% من مساحة الأرض والاكتفاء ببناء 60% فقط!

ليس هذا فحسب؛ فحين ذهبت لمكتب التخطيط ناولني المهندس المعماري ورقتين (من كراسة الاشتراطات في أمانة المدينة المنورة) الأولى خاصة ب”شروط التهوية” والثانية ب”المساحات والعروض”..

في المساحات والعروض يوجد شرط بأن لا يقل المدخل الرئيسي عن ثلاثة أمتار وبالتالي ستخسر 30 متراً مربعاً في حال كان طول الممر لديك 10 أمتار..

أيضا هناك شروط التهوية وضرورة أن تطل الغرف الداخلية على منور داخلي بمساحة 3 في3 أمتار وهي مساحة ضخمة تساوي مطبخاً أو غرفة نوم صغيرة…

أضف لهذا هناك مناور المطابخ (التي لا تقل عن 2,5 في 2,5) والحمامات (1,5في 1,5) والدرج الداخلي (2في2)…

هذا كله ولم نتحدث بعد عن مواقف السيارات (3 أمتار لكل سيارة) وبناء غرفة خارجية للكهرباء (بمساحة 4في5) الأمر الذي يجعلنا نتساءل في النهاية: كم بقي من مساحة الأرض التي تم قضمها

أصلاً من كل جانب؟

المدهش أنه بعد كل هذه الاستقطاعات يشترطون أن لا تقل مساحة الحمامات عن المترين والمطابخ عن الثلاثة والفناء الداخلي عن الأربعة.. جميعنا يرغب بذلك، ولكن كيف يمكننا فعل ذلك بعد كل هذه الاستقطاعات؟.. لماذا تتدخلون أصلاً في التفاصيل الداخلية لبيت المواطن، وهل تعتقدون أنكم أدرى منه بأسلوب عيشته واحتياجاته الخاصة!!

.. من مبادئي عدم الكتابة عن (المشاكل الشخصية) ولكنني شاهدت في المكتب الهندسي مساحات لمواطنين أقل مني بكثير وعلمت أن البلوى عامة والشكوى متفاقمة.. لهذا السبب أتوجه لوزارة الإسكان بأربعة مطالب يعانى منها (القادرون على البناء):

الأول: السماح بتعدد الأدوار بحيث يستفيد المواطن من مساحة أرضه (مرتين وثلاثة) وتخفضوا أنتم من أزمة الأراضي بمقدار (النصف أو الثلث).. اتركوا له فرصة البناء العامودي لأبنائه مستقبلاً فلا الأبناء عند تخرجهم، ولا الآباء عند تقاعدهم، يمكنهم شراء أرض جديدة..

أما الثاني فهو الحد من الاستقطاعات الكبيرة التي تؤخذ من الأراضي السكنية.. كان يمكننا تقبل هذا لو أن الأراضي وزعت علينا مجاناً (فمساحة بلادنا تتجاوز 2,240,000 كيلو متر مربع) ولكن أن يشتريها المواطن بمليون ومليونين ثم تستقطعون منها أكثر من 40% فهذا ظلم لاحق فوق الغُبن السابق..

أما الثالث فهو عدم التدخل في التفاصيل الداخلية لبيوت الناس.. فمن قال لكم إن الجميع يريدون حمامات لا تقل عن مترين في ثلاثة.. ومن قال إنني أريد منوراً بمساحة ثلاثة في ثلاثة.. وهل يمكن فعل ذلك أصلاً بعد كل هذه الاستقطاعات!!!

أما المطلب الرابع: فملاحظة أن حديثنا اقتصر حتى الآن على المواطنين القادرين على شراء أرض بمليون، وإنشاء عمارة بمليونين.. فماذا أنتم فاعلون بمن لا يملك أرضاً ولا قرضاً وينتهي راتبه قبل خروجه من الصراف؟

المصدر

آخر تعديل تم نشره 26 أكتوبر 2015 7:08 ص

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020