العقار.. الابن البار مقولة يتم تداولها بشكل كبير لدى بعض الأوساط الاستثمارية للإيحاء بأن وضع الاستثمار به آمن والمكاسب منه مضمونة، وأنه لا يعاني من اهتزازات أو تصحيح وأنه أيضا يسير إلى الأمام فقط، فلا هبوط.
كان العقار فيما سبق العام 2006م يسير كالسلحفاة فلا تداول ولا حراك يذكر، غير أن تسييل الأصول مستمر لدخول سوق الأسهم، إلا أن نقطة التحول كانت في ذات العام عندما تهاوى سوق الأسهم واتجهت السيولة نحو الابن البار وسجل قفزات جعلت أسعار العقار في بعض المناطق تتفوق على الأسعار في أماكن أكثر جاذبية حول العالم، على الرغم من أن المملكة لا تعاني من صغر المساحة أو ندرة الأراضي المعدة للسكن، نتج عن ذلك أن العقار أصبح في وضع ليس في متناول الطبقات المتوسطة وما دونها.
وهذا الوضع الذي أصبح واقعا دفع الكثير من أرباب الأسر إلى البحث عن حلول لهذه المشكلة التي تواجههم في سبيل الحصول على منزل للعائلة، ما حدا بهم للارتماء في أحضان البنوك وشركات التمويل، والنتيجة الطبيعية لذلك مديونيات مليونية تثقل كاهل الأسر، وليس في ذلك ملامة على الجهات التمويلية، فهي جهات ربحية وفي نفس الوقت تتبع معايير تم سنها من الجهات الرسمية.
العقار الآن في مفترق طرق، ويخضع لاختبار شديد الحساسية كالسيف له حدين، الملاك يشيعون بأنه بأحسن حال ومتجه للارتفاع، وفي المعسكر الآخر تتردد بكثره مقولة لا تكن آخر من يمسك الجمر، والراغبون في التملك ينتظرون النتائج، ما أدى إلى ارتفاع في الأسعار دون تنفيذ صفقات تذكر مع وجود عمليات لتجفيف السوق من المعروض للإيحاء بأن الطلب فاق العرض.
وزارة الإسكان من جهتها تقوم بجهود كبيرة تشكر عليها وتعمل بقوة لسد الفجوة وتسير في عدة اتجاهات لمعالجة تركة ثقيلة تراكمت منذ أربعة عقود تقريبا ويجب دعمها ومساندتها لحلحلة الوضع القائم وتيسير عملية الحصول على مسكن ملائم، مع العلم بأن دور الوزارة لم يقتصر على تأمين مسكن بأسعار مناسبة بل تجاوز ذلك للتأسيس لمعايير وتشريعات وأنظمة لإيجاد بيئة عقارية نموذجية.
مؤخرا كشف برنامج رسوم الأراضي البيضاء التابع لـ الإسكان عن تطوير أرض خام من قبل مالكها كانت خاضعة للرسوم بمساحة 711.878 م2 في مدينة الرياض، ستوفر هذه الأرض بعد تطويرها أكثر من 1200 قطعة أرض، ما يدعم وفرة الأراضي المعروضة وهذه إحدى الثمار.
العقار في شكله التقليدي القديم ينظر له حاليا بأنه وعاء غير آمن للاستثمار كما كان في السابق، حيث إن رسوم الأراضي البيضاء قللت من جاذبية العقار الذي «لا يأكل ولا يشرب»، كما أن التضخم الذي شهدته الأسعار في أوقات سابقة جعل عملية التصريف ليست هينة، وأخيرا فإن الدورة الاقتصادية ستفرض الواقع الذي لا يريد البعض سماعه، علما بأن مؤشر سوق الأسهم تجاوز مؤخرا حاجز التسعة آلاف نقطة.