في عام 2009 كنت ضمن فريق زار مشاريع الاسكان في سنغافورة واعجبتني السياسة التي انتهجوها في تنفيذ تلك المشاريع رغم التحديات والصعوبات التي واجهوها، حيث كان في الستينات الميلادية 1,9 مليون نسمة من اصل من 3.1 مليون نسمة من السكان يعيشون في أكواخ بدائية من طابق واحد واسقفها من الواح الزنك والكرتون واغصان الاشجار وعلاوة على ذلك، كان هناك إحساس بالضعف وعدم الشعور بالانتماء إلى سنغافوره .
ولكن في عام 1960، انشئ مجلس الإسكان والتنمية لحل أزمة الاسكان في سنغافوره، والهدف من هذا المجلس دفع ملكية المساكن بغية تعزيز شعور أقوى بالدولة كبلد ناشئ، وذلك بتجنب التفرقة العرقية و تشجيع المجتمعات المختلطة و ذلك بمزج العديد من المجموعات العرقية في كل مشروع بحيث لاتصبح مجموعة اثنية واحدة سائدة في بعض المناطق، وكان الغرض من هذه السياسة وضع حدود لكل مجموعة من المجموعات العرقية الرئيسية الثلاث (الصينية، المالاي، الهنود) في منطقة سكنية، وبناء أمة متعددة الثقافات من خلال سياسات الإسكان العام.
وكانت سنغافورة من أقل الأحياء الفقيرة والعشوائية في العالم في منتصف الثمانينات، فحتى اليوم بني اكثر من مليون وحدة سكنية، ويعيش 82 في المائة من السنغافوريين في الشقق التي بناها المجلس والارتياح يصل إلى 95% ووصلت ملكية المنازل الى 93%، وهو أعلى معدل فيالعالم في 2012، ويعتبر احد الأسباب الرئيسية في ارتفاع نسبه ملكية المنازل هو أن القانون يتيح الحصول على قرض خاص شخصي من صناديق المعاشات التقاعدية اعتبارا من اليوم الذي يبدأ فيه المواطن كسب المال.
وبهذه الطريقة، يمكن الشباب من ذوي الدخل المنخفض الحصول على تمويل لشراء مسكن خاص بهم مما اصبحت ملكية المنازل في سنغافورة أكثر من 90 في المائة، والحصة من إيجار المساكن منخفضة جداً على مدى 60 عاماً تقريبا.
سنغافوره رغم انها جزيره عدد سكانها 5,7 مليون ومساحتها 700 كيلو متر مربع، نجحت في تحقيق نمو اقتصادي هائل وارتفاع غير عادي في مستوى المعيشة، واصبحت سنغافورة واحدة من أكثر المدن الأكثر كثافة في العالم لانه منذ البداية كان استثماراً هاما جداً فعلته الحكومة بانشاء جهه مستقلة للاستثمار في مجالات الإسكان لتسهيل حصول الشباب على مساكن جيدة وبأسعار معقولة .
وفي السعوديه لدينا تقريبًا نفس التحديات من ناحية اننا بلد الشباب لان 50 % من سكان المملكة حاليا تحت سن 24 وهذا المؤشر يحتاج الى خطة طويلة المدى لتنميه قطاع الاسكان لتلبية احتياجتهم من الوحدات السكنية وقد يكون من المناسب الاستفادة من تجربة سنغافورة الغنية بالنجاحات مع العلم انه لدينا تحديات اخرى اصعب منهم كشح الموارد المائية ومحدودية الطاقة وضعف البنية التحتية؛ مما يجعل تجربة سنغافوره في رأي مناسبه لنا لتركيزها على التوسع الرأسي والذي يساعد في تقليل استهلاك الطاقة واعادة تدوير المياه وهو التوجه المستقبلي في العالم.
المصدر