في أدبيات التعامل مع مشاريع ومفردات التنمية يثبت الزمن أننا لا نمتلك التخطيط الإستراتيجي وأننا لا نزال نقع في نفس الأخطاء التي وقعنا فيها بالأمس لضعف الذاكرة التنموية، فبعد اعتماد بناء الـ500 ألف وحدة على سبيل المثال، وإناطة هذا الدور بوزارة ناشئة لم تشب عن الطوق، وعلى خلفية بيئة إسكانية وعقارية لا تزال غارقة في أوحال البيروقراطية وتشوهات الأنظمة والتشريعات العامة، عجت جملة من الأقلام والطروحات آنذاك وبعناوينها المثيرة مؤذنة بدخول عصر جديد -لم يبدأ بعد- قد يؤدي إلى كساد كبير في سوق العقار بعد أن تصبح هذه الوحدات أرخص من الماء في حارة السقايين في ظل دخول هذه الوحدات إلى السوق وبهذا الحجم المنتظر والتي تم بناء أوهامها على الورق وعقودها لم توقع بعد.
فبعد اعتماد هذا الرقم، أتذكر أن الساحة الإسكانية تعرضت لسيل عرم من التصريحات الفضفاضة من قبل بعض المختصين والمهنيين وأصحاب الصنعة ممن يطلقون على أنفسهم خبراء العقار والذين أكدوا من خلالها وبما يقطع الشك باليقين انخفاض أسعار الإيجارات لأكثر من 30% وتراجع عدد المستأجرين لأكثر من 20% وعودة أسعار الوحدات إلى سابق عهدها 15 ألف ريال.. وهذا كله موثق في تصريحات صحفية لدرجة أن أحد أعضاء مجلس الشورى وعضو لجنة الإسكان قال إن أزمة الإسكان سوف تنتهي تماما وإن الأثر بدأ من يوم أمس (يقصد يوم صدور القرار).. الله أكبر!!
وأنا أتذكر هذه التصريحات، والتي أنهت هذه الأزمة بمثل هذه الصورة العاطفية وغير المهنية، كنت -بالمقابل- أطلع على بعض التقارير الصحفية التي أشارت إلى أن مشروع الإسكان (الفلاني) انتهت مدة تنفيذه ولم ينجز منه سوى 12% وأن المشروع (العلاني) بقي على مدة تسليمه خمسة أشهر ونسبة الإنجاز لم تتجاوز 3.04% وهكذا، وهذا ما يدل على ضعف بنية وهياكل هذا القطاع وضحالة رموزه الذين تخرجوا من مكاتب بيع المخططات والمساهمات العقارية وساهموا في صنع أزمتها مع من صنعوها إلى أن أصبحوا شيوخا يشار لهم بالبنان، وللمعلومية فما قيل إبان هذه الحقبة قيل أيضا في حقبة الرهن والتمويل العقاري، وقيل عند صدور نظام رسوم الأراضي.. وبالكربون!!!