كان لإعلان فانكوفر عام 1976 الأثر الأكبر في تغییر مفھوم الإسكان وإعادة توجیه سیاساته وإستراتیجیاته من مجرد الإسكان الشعبي یدعم من الحكومات والمؤسسات والصنادیق المرتبطة بھا إلى مفھوم أوسع یشمل العون الذاتي المباشر تساھم به جمعیات المجتمع المدني والجمعیات التعاونیة وغیرھا.
ولعل من الأسباب التي ساھمت في ھذا التحول آنذاك ارتفاع أسعار المساكن، وتدھور مستویات المعیشة، نظرًا للارتفاع المطرد للسلع والخدمات؛ لكن مؤسسات العون المباشر بكل أشكالھا وأنماطھا نجحت في جملة من الدول وسجلت حضورًا ممیزا في المساھمة في سد ھذه الفجوة الإسكانیة عبر نماذج مختلفة حول العالم.
ولن استعرض ھنا تجارب لبعض الدول التي تقل عنا في الدخل أو تلك التي لا تتناسب مع نموذجنا الاجتماعي، وإنما سأكتفي بذكر نموذج واحد لدوله متقدمة مثل كندا على سبیل المثال التي شجعت على قیام مشاریع الإسكان الاجتماعي وقدمت الأموال من خلال المنظمات غیر الربحیة غیر الحكومیة، ومن بینھا المؤسسة الكندیة للتعاونیات الإسكانیة، والتي ارتفع عددھا في كندا إلى ما یقارب 800 جمعیة وكل جمعیة كانت تمثل تجمعا قانونیًا مستقلاً یعمل على تزوید أعضائه ومحیطه بالسكن وھو ما جعل ھذه المؤسسة العملاقة تستوعب ما یقارب من 280 مؤسسة تعاونیة وبإجمالي عدد عاملین یصل إلى 25000 شخص.
عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني أو تعاونیات تعمل بشكل فاعل في ھذا القطاع وغیره، وعدم تكامل الأطر التشریعیة والتنظیمیة والقانونیة حرم البلاد من فرص لبناء قطاع ثالث یسھم في ثالوث الاقتصاد الوطني والخدمات المتصلة فیه في كل القطاعات ویعمل على سد بعض الفجوات التي ترتبت على غیاب المجتمعات المحلیة، وممثلیھا عن القیام بأدوارھم المطلوبة، خصوصاً وأن رؤیة المملكة وضعت ھذا القطاع كأحد روافد التنمیة مستھدفة بذلك رفع سقف مساھمته بما لا یقل عن 5 %من الناتج المحلي الإجمالي.