عندما كنا صغارًا علّمنا الجغرافیون أن المشتري قریب من الأرض، لكن عندما كبرنا علّمنا العقاریون أن الأرض بعیدة عن المشتري ھذه توریة اجتماعیة ولدت من رحم معاناة شعبیة للحصول على قطعة أرض سكنیة والتي ظلت أمراً بعید المنال حتى مع إقامة وزارة جدیدة للإسكان وإسناد حق تطویرھا وتوزیعھا على الوزارة الجدیدة.
لا تدري الوزارة ھل تركز على التطویر أو التوزیع أو إدخال إصلاحات جوھریة على بیئة العقار والإسكان لمعالجة جملة من التشوھات التشریعیة والھیكلیة ھي خلیط من ھذا وذاك، فھي من یقوم بالتخطیط regulator ولا ھي operator والتمویلیة التي راكمت المشكلة من أصلھا على مدى نصف قرن، فلا ھي والبناء والتوزیع والتشغیل والتطویر في وقت واحد في حین كانت البلدیات أكثر وضوحاً وبساطة في الأنظمة، فلكل مواطن حق الحصول على أرض في مخططاتھا حتى وإن طال الزمن.
كثرة الأنظمة والتشریعات وتداخل الجدید مع القدیم وكثرة العناوین والشعارات التي صاحبت إقامة الوزارة الجدیدة أفسدت الطبخة ربما، ولم تعد الصورة واضحة كما كانت في الماضي، فما الذي تغیر إذن منذ إنسلاخ الأراضي من البلدیات؟ ھل زادت المنح أو قلت؟ وھل ارتفع المعدل السنوي للأراضي المطورة أو نقص؟
وھل توسعت المسافة بین الصندوق العقاري والمقترض أو تقلصت؟ لا أحد یعرف ! كل الذي نعرفھ أن كل شيء تغیر اسمھ بالكامل، الصندوق، النظام، الشعار، ربما لقطع صلاتنا بالماضي، لكن یكفي ھذا وما الذي تغیر على أرض الواقع؟ الذي أعرفھ أكثر أن معظم الشعارات الكبرى لم تتحقق كما ھو معلن، فماذا تحقق من الـ500 ألف وحدة بعد انقضاء السنوات الخمس؟ وماذا تحقق من شعار أرض وقرض؟ وماذا أنجز من طیب الذكر نظام الرھن العقاري وأنظمة التمویل والتأجیر والرھن المرتبطة به !
أسئلة مفتوحة لا أحد یجیب علیھا ولا أحد یطرحھا للنقاش العام، وبطبیعة الحال لن تعقد لھا الوزارة الندوات أو ورش العمل لمناقشة حیثیاتھا وأسبابھا والانطلاق منھا لتحدیث إستراتیجیة الإسكان المحنطة.